قال الغزالي: فُرُوعٌ سَبْعَةٌ: الأوَّلُ- إِذَا أُوْردَ الثَّوْبُ النَّجِسُ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ نَجسَ المَاءُ وَلَمْ يَطْهُرِ الثَّوْبُ عَلَى الأَظهَرِ.
قال الرافعي: ما سبق من طهارة المَحِلِّ بالغسل، إما مع العصر، أو دونه فيما إذا كان الماء واردًا على المحل، إما لورود المحل النجس كالثوب يغمس في إجانة فيها ماء، ويغسل فيه، فهل يطهر؟ فيه وجهان: قال ابْنُ سُرَيُج: يطهر كما لو كان الماء واردًا عليه. وقال الأكثرون: وهو الأصح لا يطهر، لأن الملاقاة بين الماء القليل، والنجاسة يَقتضي نجاسة الماء خالفناه فيما إذا كان الماء واردًا، فإن الوارد عامل، والقوة للعامل، ويدل على الفرق أنه ﷺ منع المُسْتَيْقِظَ من النوم من غَمْس اليَدِ فِي الإنَاءِ قبل الغسل ثلاثًا، ولولا الفرق بين الوارد، والمورود لما انتظم المنع من الغمس والأمر بالغسل، والوجه الأول فيما إذا قص بالغمس إزالة النجاسة، فاما لو ألقته الريح فيه، والماء قليل نجس الماء بلا خلاف، قال الأئمة ﵏: ومن هذا نشأ ظن من نقل عن ابن سريج أن يشترط النِّيَّةَ في إزالة النجاسة.
قال الغزالي: الثَّانِي- إِذَا أَصَابَ الأَرْضَ بَوْلٌ فَأُفِيضَ عَلَيْهِ المَاءُ حَتَّى صَار مَغْلُوبًا وَنَضَبَ المَاءُ طَهُرَ (ح). وَكَذَا إِذَا لَمْ يَنْصُبْ إِذَا حَكَمْنَا بِطَهَارَةِ الغُسَالَةِ وَأَنَّ العَصْرَ لاَ يَجِبُ.
قال الرافعي: إذا أصابَ الأرْضَ بَوْلٌ، فصب عليها من الماء ما يغمره، وتستهلك فيه النجاسة، طهرت بعد نُضُوب الماء وقبله وجهان: إن قلنا: إن الغُسَالَةَ طاهرة والعصر لا يجب فنعم. وإن قلناَ: إنها نجسة، والعصر واجب فلا، وعلى هذا فلا يتوقف الحكم بالطَّهَارَةِ على الجَفَافِ؛ بل يكفي أن يفاض الماء كالثوب المعصور لا يشترط فيه الجفاف، والنُّضُوبُ كَالعَصْرِ. وقال أبو حنيفة: لا تطهر الأرض حتى تحفر إلى الموضع الذي وصلت إليه النَّدَاوَةُ وينقل التراب. لنا ما روى:" أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ"، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ" (١)، ولم يأمر بنقل التراب.
وقوله: "حتى صار مَغْلُوبًا" إشارة إلى أن المعتبر أن يكون الماء المَصْبُوبُ على