Al-Athar Al-Thameen Fi Nusrat Aisha Umm Al-Mu'mineen
الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
Editorial
دار الفاروق للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
Ubicación del editor
عمان
Géneros
لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي، ثُمَّ قَالَ: أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللهُ، نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ (^١)، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي، فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، قَالَتْ: قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ الله (^٢)؟ قَالَ: قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ" (^٣).
ولم تسلم عائشة ﵂ إلى يومنا مِمَّنْ شغب، وقَال: إنَّ عائشة لمَّا قَال لها النَّبيُّ ﷺ: "أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ قَالَتْ: نعم".
قلنا: عائشة ﵂ أتقى لله تعالى وأعلم مِنْ أن تخاف أن يحِيفَ الله عليها ورسُولُه! وَمَنْ ذهب إلى أنَّ عائشة خشيت من الجوْر والظُّلم ليس عنده أثارة من عِلْم، ولا بقيَّة من فهم؛ فلم يدرس الأحاديث المشكلة طرقها ومخارجها وعللها.
والحَيْفُ في اللّغة: المَيْلُ فِي الحُكم، ولَعَلَّ المعنى: أخِفْتِ الميل في الحكم وتبدّله بإسقاط الشَّرع حقَّك مِن ليلتك؟ فقالت: نعم، أي خفت ميل الشَّرع بأن
_________
(^١) لم يكن جبريل ﵇ يدخل على النَّبيِّ ﷺ بيته إذا وضعت عائشة ﵂ ثيابها.
(^٢) حوّلت الكلام، وفيه دلالة ذكاء.
(^٣) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٤/ج ٧/ص ٤٢) كتاب الكسوف.
1 / 44