Al-Adhkar by An-Nawawi
الأذكار للنووي ت الأرنؤوط
Investigador
عبد القادر الأرنؤوط ﵀
Editorial
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
Géneros
قال: " مَنْ صَمَتَ نَجا " إسناده ضعيف، وإنما ذكرته لأُبيِّنه لكونه مشهورًا (١)، والأحاديث الصحيحة بنحو ما ذكرته كثيرة، وفيما أشرت به كفاية لمن وفّق، وسيأتي إن شاء الله في " باب الغيبة " جُمَل من ذلك، وبالله التوفيق.
وأما الآثار عن السلف وغيرهم في هذا الباب فكثيرة، ولا حاجة إليها مع ما سبق، لكن ننبّه على عيونٍ منها، بلغنا أن قسَّ بن ساعدة وأكثم بن صيفي اجتمعا، فقال أحدهما لصاحبه: كم وجدت في ابن آدم من العيوب؟ فقال: هي أكثر من أن تُحصى، والذي أحصيتُه ثمانيةُ آلاف عيب، ووجدتُ خصلةً إن استعملتها سترتَ العيوبَ كلَّها، قال: ما هي: قال: حفظ اللسان.
١٠٢٩ - وروينا عن أبي عليّ الفُضيل بن عِياض ﵁ قال: مَنْ عَدّ كلامَه من عمله قلّ كلامُه فيما لا يعنيه، وقال الإِمامُ الشافعيُّ ﵀ لصاحبه الرَّبِيع (٢): يا ربيعُ لا تتكلم فيما لا يعنيك، فإنك إذا تكلَّمتَ بالكلمة ملكتكَ ولم تملكها.
١٠٣٠ - وروينا عن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: ما من شئ أحق بطول السجن من اللسان.
وقال غيرُه: مَثَلُ اللسان مَثَلُ السَّبُع إن لم تُوثقه عَدَا عليك.
وروينا عن الأستاذ أبي القاسم القُشيري ﵀ في " رسالته " المشهورة قال: الصمتُ سلامةٌ، وهو الأصل، والسكوتُ في وقته صفةُ الرجال، كما أن النطق في موضعه أشرفُ الخصال، قال: سمعت أبا عليّ الدقاق ﵁ يقول: مَنْ سكتَ عن الحقّ فهو شيطانٌ أخرس.
قال: فأما إيثار أصحاب المجاهدة السموتَ، فلِمَا علموا ما في الكلام من الآفات، ثم ما فيه من حظّ النفس وإظهار صفاتِ المدح، والميل إلى أن يتميزَ بين أشكاله بحسن النطق وغير هذا من الآفات، وذلك نعتُ أرباب الرياضة، وهو أحدُ أركانهم في حكم المنازلة وتهذيب الخلق.
ومما أنشدوه في هذا الباب: احفظْ لسانَك أيُّها الإِنسانُ * لا يلدغنَّك إنه ثُعبانُ كم في المقابرِ من قتيلِ لسانِه * قد كانَ هابَ لقاءَه الشجعان
(١) ولكن له شواهد بالمعنى، منها ما رواه الطبراني في " حسن الصمت " عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله ﷺ .
" عليك بطول لصمت إلا من خير، فإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك على أمر دينك " وسنده جيد كما قال الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة "، وقد صنف ابن أبي الدنيا في الصمت جزاء حافلا، ولخصه السيوطي مع زيادة وسماه " حسن الصمت ".
(٢) هو الربيع بن سليمان المرادي.
(*)
1 / 335