والكبيرةُ هنا: وَصْفٌ من (كَبُرَ) بِضَمِّ البَاءِ، (يكبُر) بِضَمِّهَا، إذا عَظُمَ وَشَقَّ وَثَقُلَ، ومنه قولُه: ﴿كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ [الشورى: آية ١٣]، وهذا النوعُ في المعانِي مِنْ (كَبُرَ الأَمْرُ) إذا شَقَّ وَثَقُلَ، أو (كَبُرَ) بمعنى (عَظُمَ)، كقوله: ﴿كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: آية ٣] يَكْبُرُ الأمرُ فهو كبيرٌ، مضمومٌ في الماضِي، تقول: كَبُرَ يَكْبُرُ فَهُوَ كَبِيرٌ. كما بَيَّنَّا.
أما كِبَرَ السِّنُّ: فَفِعْلُهُ (كَبِرَ) بِكَسْرِ الباءِ (يكبَر) بفتحها على القياسِ، وهو معروفٌ (^١)، ومن أمثلتِه قولُ قَيْسٍ المجنونِ (^٢):
تَعَشَّقْتُ لَيْلَى وَهْيَ ذَاتُ ذَوَائِبٍ ... وَلَمْ يَبْدُ لِلْعَيْنَيْنِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ
صَغِيرَيْنِ نَرْعَى الْبُهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا ... إِلَى الْيَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ وَلَمْ تَكْبَرِ الْبُهْمُ
والاستثناءُ في قوله: ﴿إِلَاّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ [البقرة: آية ٤٥]، استثناءٌ مُفَرَّغٌ (^٣)، وأصلُ تقريرِ المعنى: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ﴾ أي: ثَقِيلَةٌ عظيمةٌ شَاقَّةٌ على كُلِّ أحدٍ: ﴿إِلَاّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ والخاشعونَ جَمْعُ: الْخَاشِعِ، وهو الوصفُ من: خَشَعَ.
وأصلُ الخشوعِ في لغةِ العربِ: الانخفاضُ في طُمَأْنِينَةٍ، كُلُّ
مُنْخَفِضٍ مطمئنٍ تُسَمِّيهِ العربُ: