أَوْضَحْنَا لهم طريقَ الخيرِ وَالشَّرِّ بَيِّنَةً على لسانِ نَبِيِّنَا صالحٍ. وليس هذا الْهُدَى (هُدَى تَوْفِيقٍ)، وإنما هو (هُدَى بَيَانٍ) فَقَطْ بدليلِ قولِه: ﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [فصلت: آية ١٧] فَتَبَيَّنَ أن قولَه: ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ ليس (هُدَى تَوْفِيقٍ)، وإنما هو (هُدَى بَيَانٍ) وإيضاحٍ للحقِّ من الباطلِ، ومنه بهذا المعنى قولُه تعالى في الإنسانِ: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ [الإنسان: آية ٣] لأن معنى قولِه: ﴿هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ أي بَيَّنَّا له طريقَ الخيرِ والشرِّ، وَأَوْضَحْنَا له ما يُتَّقَى وما يُفْعَلُ، بدليلِ قولِه بعدَه: ﴿إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان: آية ٣] لأنه لو كان (هُدَى تَوْفِيقٍ) لَمَا فَصَّلَهُ بقولِه: ﴿وَإِمَّا كَفُورًا﴾ ومن إطلاقِ الْهُدَى بمعناه الخاصِّ قولُه في النَّبِيِّينَ الذين ذَكَرَهُمْ في الأنعامِ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: آية ٩٠] وهو بمعناه الخاصِّ: التوفيقُ إلى ما يُرْضِي اللَّهَ.
وإذا علمتُم أن للهدى إِطْلَاقَيْنِ: إطلاقًا عَامًّا، وإطلاقًا خَاصًّا (^١)، وأن إطلاقَه العامَّ معناه الهدى بمعنى البيانِ والإرشادِ وبيانِ الحقِّ وإيضاحِه، وأن معناه الخاصَّ هو تفضُّلُ اللَّهِ بالتوفيقِ على عبدِه، وأن يهديَه إلى طريقِ الخيرِ، كما قال: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ﴾ [الأنعام: آية ١٢٥] أي: بهذا الهدى الخاصِّ ﴿يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ﴾.
بهذا التفصيلِ تزولُ عنكم إشكالاتٌ في كتابِ اللَّهِ؛ لأن اللَّهَ مثلا