181

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Investigador

خالد بن عثمان السبت

Editorial

دار عطاءات العلم (الرياض)

Número de edición

الخامسة

Año de publicación

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Ubicación del editor

دار ابن حزم (بيروت)

Géneros

وهذا معنى قولِه: ﴿وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ ومعنى التبديلِ هو إذهابُ هذا والإتيانُ ببدلٍ غيرِها. ﴿لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ وَعْدُهُ رُسُلَهُ بالنصرِ والعاقبةِ المحمودةِ، فتبديلُ هذا أن ينزعَ النصرَ عنهم، ويجعلَ مكانَه غلبتَهم وإذلالَهم. لا أحدَ يستطيعُ هذا التبديلَ لكلماتِ اللَّهِ. ثم قال: ﴿وَلَقدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ فاعل (جاء) هنا محذوفٌ دَلَّ عليه المقامُ (^١). و(مِنْ) في قولِه: ﴿مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ تبعيضيةٌ، أي: ولقد جاءَك بعضُ أنباءِ المرسلينَ؛ لأن اللَّهَ يقولُ: ﴿مِنْهُم مَّنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [غافر: آية ٧٨]، وفي هذا البعضِ الذي جاءَك مِنْ أنبائهم تسليةٌ لكَ، وتثبيتٌ لكَ، كما قال: ﴿وَكُلًاّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ﴾ [هود: آية ١٢٠]، ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلَاّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [فصلت: آية ٤٣]، ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: آية ٣٥]. ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأنعام: آية ٣٥]. ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ﴾ كان النبيُّ ﷺ إذا دَعَا قومَه إلى الإسلامِ، وَعَرَضَ عليهم هذا القرآنَ العظيمَ بما فيه من الآياتِ البيناتِ التي لا تَتْرُكُ في الحقِّ لَبْسًا قَابَلُوهُ بالردِّ القبيحِ والإعراضِ، أي:

(^١) انظر: القرطبي (٦/ ٤١٧)، البحر المحيط (٤/ ١١٣)، الدر المصون (٤/ ٦٠٦).

1 / 185