ممن أساء إليك وإن كان حُرًا قُرشيًا؛ ومن صفات الكريم ما قال الشاعر:
وإنّ الكريمَ من تلفَّت حولَه ... وإِن اللَّئيم دائمُ الطَّرْف أَقوَدُ
وقال آخر:
لَحا الله أكبانا زِنادًا وشَرَّنا ... وأَيسَرنا عن عِرض والِده ذَبّا
رأيتُك لما نِلتَ مالًا وعَضَّنا ... زمانٌ تَرى في حدّ أنيابه سَغْبا
جعلتَ لنا ذنبًا لتمنع نائلًا ... فأَمسِك ولا تجعَل غِناك لنا ذَنبًا
وقال آخر:
نالَ الغِنا بعدَ فقْرٍ فاستغاثَ به ... كما استغاثَ بباقي ريقِه الشَّرِقُ
وإذا احتججتُ بالعيان في وصف هذين الرّجلين في الكرم واللؤم فقد رفعت المِرْية، وإذا أقمت الشاهد على الدّعوى فقد منعت من اللائمة، وإذا رأيت الضرورة فقد بلغت الغاية؛ وأيُّ خفقةٍ للقلب بعد اليقين، وأيُّ وحشةٍ للنفس بعد الاستصبار، أم أيُّ بقية على المُحتج إذا وصل البرهان، أم كيف يُستحيا في الحق وإن كان مُرًّا، أم كيف يُعتذَر من الصّدق وإن كان موجعًا.
هذا ما لا يُكلّفه حكيم، ولا يأمر به مُرشد، ولا يحثّ عليه ناصح.