وخصّني بالخيبةِ التي نالت مني، فخصصته بالغيبة التي أحرقته، والبادي أظلم، والمنتصف أعذر؛ وكنت كما قال الأول:
وإِن لسَاني شَهدةٌ يشتَفَى به ... أَجَلْ وعَلَى مَن صَبَّه اللهُ علقَمُ
ولئن كان منعني ماله الذي لم يبق له، فما حظر عليَّ عرضه الذي بقي بعده، ولئن كنتُ انصرفت عنه بخُفَّي حُنين لقد لصق به من لساني وقلمي كل عارٍ وشَنَار وشَيْن، ولئن لم يرني أهلًا لنائله وبرّه، إني لأراه أهلًا لقول الحق فيه، ونثِّ ما كان يشتمل عليه من مخازيه، ولئن كان ظنَّ أن ما يصير إليّ من ماله ضائع، إني لأتيقّن الآن أن ما يتّصل بعرضه من قولي شاعر، والحساب يُخرج الحاصل من الباقي، والنَّظرُ يميّز الصحيح من السّقيم، والاعتبار يفرد الحق من الباطل، والمُنصف في الحُكم يعذِر المظلوم ويلوم الظالم، والشاعر يقول:
فإِن تَمنَعُوا ما بأيدِيكُمُ ... فلن تمنَعُونا إذَن أَن نَقولاَ