وفي هذا العصر الحديث الذي شرعت فيه المنظمات الدولية بنودا نظرية - غير مفعلة وغير مطبقة - لحقوق الأسرى، كاتفاقيات جنيف بشأن أسرى الحرب في معاملة أسرى الحرب ورعايتهم جسديا ونفسيا.ونرى رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يشرع قبلهم بمئات السنين حقوقا شاملة وجامعة للأسرى، أضف إلى ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل هذه الحقوق بنودا نظرية بعيدة عن واقع الحروب - كما هو الحال في عصرنا -، بل جعلها منهجا عمليا وطبقها بنفسه في غزواته وطبقها تلاميذه في السرايا والمعارك الإسلامية ..
وفي إكرامه - صلى الله عليه وسلم - للأسرى، مظهر فريد من مظاهر الرحمة، في وقت كانت تستباح فيه الحرمات والأعراض ..
"وكثيرا ما أطلق [- صلى الله عليه وسلم -] سراح الأسرى في سماحة بالغة ، رغم أن عددهم بلغ في بعض الأحيان ستة آلاف أسير"(1) .
يقول سيديو : "والكل يعلم أنه[- صلى الله عليه وسلم -] رفض -بعد غزوة بدر- رأي عمر بن الخطاب في قتل الأسرى... وأنه صفح عن قاتل عمه حمزة ، وأنه لم يرفض - قط -ما طلب إليه من اللطف والسماح"(2).
المطلب الأول : نماذج في معركة بدر (17 رمضان 2ه/13مارس624م):
لقد استشار النبي - صلى الله عليه وسلم -وزرائه في أسارى بدر فأشار عليه أبو بكر - رضي الله عنه - أن يأخذ منهم فدية ، فهم بنو العم والعفو عنهم أحسن، ولعل الله أن يهديهم إلى الإسلام. وقال عمر - رضي الله عنه - : لا والله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها!!
Página 40