الكرم فتوة، ولكن ما كلف نفسا فوق طاقتها.
إن الفقر يقف دائما خلف التبذير، وهو ينتظر منه أن يفتح له الأبواب، فلنغلقها جيدا نأمن شر هذا الضيف الثقيل.
لا يغرركم قول الشاعر: «وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم»، فهو لا يعني هذا التشبه الأحمق الذي يقول الكتاب الكريم في أصحابه:
إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين . فحكمة الدهور تعلمنا: «على قدر بساطك مد رجليك.» وإن لم نصغ لها نمنا في العراء، فراشنا الأرض وغطاؤنا السماء.
هل من يعتبر
احتفل العالم المسيحي بذكرى الراقدين، وكما للمسيحيين يوم، كذلك للمسلمين يوم يسمونه خميس الأموات. والجميع يزورون المقابر، يحيون بالأزهار قبور ذويهم، ويحسنون إلى الفقراء والمعوزين بهذه المناسبة.
وبلا شعور رأيني أتوجه إلى مدينة من مدن الأموات، فأوحت إلي سكينتها وهمودها هذه الكلمات فقلت.
هنيئا لسكان هذه المنازل الهادئة، وسعدا للنائمين بين جدرانها الضيقة، فقد أمنوا شرور المجتمع، وويلات البشرية المعذبة التي تتمخض بالأوجاع لتلد البلايا والمصايب.
أمانا لتلك الأجساد الهامدة، فقد عرتها المنية من دقائق الحياة، فعادت إلى الطينة التي جبلت منها، مودعة حركة الوجود ، واستراحت من عناء الحياة وضوضى الناس المزعجة، واستكانت في مضجع الهدوء: في المقبرة، مدنية السكون والراحة، حيث تتلاشى مطامع هذا العالم الفاني، وتسقط أصنام المدنية عن كراسيها.
وقفت هنيهة أتأمل وأفتكر.
Página desconocida