فقال: هذا لخيرك؛ لأنك صرت في عمر يستدعي الحذر. الحذر ضروري، ولكن التوهم مرض، وإذا استفحل أصيب صاحبه بالمرض الذي يريد ويصدق نفسه.
هذه قصتي، وما أزعجتكم بها إلا لاعتقادي أنها قد تكون قصة أكثركم، وإذا صح ما زعموا من أن الحب هو أقوى الفيتامينات، فالوهم هو السم الناقع والمرض الأكبر.
يقول الأطباء: «معنويات المريض تساعد على شفائه»، فأية معنويات تكون لصاحب الأوهام؟ رحم الله إيليا أبو ماضي القائل:
أيها المشتكي وما بك داء
كيف تمسي إذا غدوت عليلا؟
أحسن الأدوية في هذه الحالة، هي ترديد المثل العامي القائل: «وقوع البلا ولا استنظاره.»
فالواهم يدلك عليه، إذا قلت له: كيف حالك اليوم؟ يظن أنك تتقصى أخبار صحته، أو أنك عارف أنه مريض، فيفتح السجل ويقعد يقص عليك ما أحس أمس واليوم. وهكذا يظل يجتر أوهامه، ولا يصدق أنه معافى ولو حلف له الطبيب.
كثيرا ما اهتم علماء النفس بهذا الموضوع الخطير، وقالوا أخيرا: إذا نحن فكرنا في السقم والمرض أصبحنا مرضى.
قال ماركوس أوريليوس، الإمبراطور العظيم: إن حياتنا من صنع أفكارنا.
أعرف رجلا عظيما مات منذ سنين، قضى حياته في معالجة أمراض غير موجودة، ولو كان مريضا حقا لما جاز التسعين. ولكثرة أوهامه، اقتنى معجم لاروس الطبي، وجعله كتاب مخدته يطالع فيه في أوقات فراغه ليلا ونهارا.
Página desconocida