مقدمة المولف
بسم الله الرحمن الرحيم
[2] «وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم» (1) الحمد لله حمدا يوافى نعمه، ويكافىء مزيده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة توجب العاقبة الحميدة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله إلى الأمة الشهيدة، وإلى سائر الفرق القريبة والبعيدة، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ودعا إلى الله عبيده، ونسأل الله من فضله أن يجعلنا من الأمة السعيدة، ولا يجعلنا من الفرق العنيدة.
وبعد، فقد روى عن سيدنا «رسول الله» (2)(صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «أربعة لا تشبع من أربعة، عين من نظر، وأنثى من ذكر، وأرض من مطر، وعالم من خبر» (3).
ولما كان إقليم مصر مشتملا على فوائد وأمور عجيبة، استخرت الله تعالى فى أن أجمع فيه من نفيس الغرائب ما لا ينبغى لذوى العلم/ إهمالها، ولا لساكن مصر [3] إغفالها. وكيف وكلهم أو أكثرهم لو سئل عن نهر النيل من أين يخرج من الأرض؟ وفى أى مكان يذهب؟، ولو سئل عن طوله، وعن سبب تكدره وخضرته فى وقت الزيادة، ومن أين تمده الزيادة؟ وفى أى مكان يذهب ومادته إذا نقص؟، لما أجاب (4) عن ذلك.
وأنا إن شاء الله مبين لجميع ذلك، قاصدا فيه الاختصار (5). وقبل الشروع فى ذلك أتعرض لما يدل على فضيلة هذا النهر على غيره من أنهار الدنيا، وبيان ذلك فى فصلين.
Página 35