Noticias Afortunadas

Al-Zubayr Ibn Bakkar d. 256 AH
60

Noticias Afortunadas

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Investigador

سامي مكي العاني

Editorial

عالم الكتب

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Ubicación del editor

بيروت

فَلَمَا أَتَى الْعَامِلَ كِتَابُ الْحَجَّاجِ، دَسَّ إِلَيْهِ فِتْيَةً مِنْ قَوْمِهِ، وَوَعَدَهُمْ أَنْ يُوفِدَهُمْ مَعَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ إِنْ هُمْ ظَفِرُوا بِهِ، فَخَرَجَ الْفِتْيَةُ حَتَّى إِذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْهُ بَعَثُوا إِلَيْهِ أَنَّهُمْ يُريدُونَ صُحْبَتَهُ وَالْكَيْنُونَةَ مَعَهُ. فَمَكَثُوا بِذَلِكَ حَتَّى إِذَا أَصَابُوا مِنْهُ غِرَّةً شَدُّوا عَلَيْهِ، وَأَوْثَقُوهُ وَقَدِمُوا بِهِ عَلَى الْعَامِلِ، فَبَعَثَ الْعَامِلُ بِهِمْ إِلَى الْحَجَّاجِ، فَلَمَّا جَاوَزُوا بَجَحْدرٍ حَجْرًا أَنْشَأَ يَقُولُ: لَقَدْ مَا هَاجَنِي فَازْدَدْتُ شَوْقًا ... بُكَاءُ حَمَامَتَيْنِ تُجَاوِبَانِي تُجَاوِبُنَا بِلَحْنٍ أَعْجَمِيٍّ ... عَلَى غُصْنَيْنِ مِنْ عَرَبٍ وَبَانٍ فَقُلْتُ لِصَاحِبِيَّ وَكُنْتُ أَحْدُو ... بِبَعْضِ الْقَوْلِ مَاذَا تَحْدُوَانِ؟ فَقَالا: الدَّارُ جَامِعَةٌ قَرِيبًا ... فَقُلْتُ: بَلْ أَنْتُمَا مُتَمَنِّيَانِ فَكَانَ الْبَانُ أَنْ بَانَتْ سُلَيْمَى ... وَفِي الْغَرْبِ اغْتِرَابٌ غَيْرُ دَانِي إِذَا جَاوَزْتُمَا نَخَلاتِ حَجْرٍ ... وَأَنْدِيَةَ الْيَمَامَةِ فَانْعَيَانِي وَقُولا: جَحْدَرٌ أَمْسَى رَهِينًا ... يُعَالِجُ وَقْعَ مَصْقُولٍ يَمَانِي كَذَا الْمَغْرُورُ فِي الدُّنْيَا سَيَرْدَى ... وَتُهْلِكُهُ الْمَطَامِعُ وَالأَمَانِي فَلَمَّا قُدِمَ بِهِ عَلَى الْحَجَّاجِ، قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: أَأَنْتَ جَحْدَرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَصَلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ، أَنَا جَحْدَرٌ. قَالَ: فَمَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: جَرَاءَةُ الْجَنَانِ، وَكَلَبُ الزَّمَانِ، وَجَفْوَةُ السُّلْطَانِ. فَقَالَ لَهُ: وَمَا الَّذِي بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ، فَيَجْتَرِئَ جَنَانُكَ، وَيُكْلَبَ زَمَانُكَ، وَيَجْفُوَكَ سُلْطَانُكَ؟ قَالَ: لَوْ بَلانِي الأَمِيرُ لَوَجَدَنِي مِنْ صَالِحِ الأَعْوَانِ، وَبُهْمِ الْفُرْسَانِ، وَأَمَّا جَرَاءَةُ جَنَانِي، فَإِنِّي لَمْ أَلْقَ فَارِسًا قَطُّ إِلا كُنْتُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِي مُقْتَدِرًا. فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: يَا جَحْدَرُ إِنَّا قَاذِفُونَ بِكَ فِي حَيْرٍ فِيهِ أَسَدٌ، فَإِنْ هُوَ قَتَلَكَ كَفَانَا مَئُونَتَكَ، وَإِنْ أَنْتَ قَتَلْتَهُ خَلَّيْنَا عَنْكَ، وَأَحْسَنَّا جَائِزَتَكَ، قَالَ: نَعَمْ، أَصْلَحَ اللَّهُ الأَمِيرَ قَرَّبْتَ الْمِحْنَةَ، وَأَعْظَمْتَ الْمِنَّةَ، افْعَلْ ذَلِكَ إِذَا شِئْتَ، فَأَمَرَ بِهِ، فَقُيَّدَ وَحُبِسَ، وَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى كَسْكَرَ يَأْمُرُهُ بِالْبَعْثَةِ إِلَيْهِ بِأَسَدٍ ضَارٍ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَسَدٍ، قَدْ أَبَرَّ عَلَى أَهْلِ كَسْكرَ فِي صُنْدُوقٍ يَجُرُّهُ ثَوْرَانِ، فَلَمَّا قَدِمَ بِهِ عَلَى الْحَجَّاجِ أَمَرَ بِهِ فَأُدْخِلَ فِي حَيْرٍ، وَسُدَّ بَابُ الْحَيْرِ، وَجُوِّعَ ثَلاثةَ أَيَّامٍ، فَأُتِيَ بِجَحْدَرٍ، فَأُمْكِنَ مِنْ سَيفٍ قَاطِعٍ، وَجَلَسَ الْحَجَّاجُ وَالنَّاسُ يَنِظُرُونَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا نَظَرَ الأَسَدُ إِلَى جَحْدَرٍ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهَ السَّيْفُ يَرْسُفُ فِي قُيوُدهِ، تَهَيَّأْ وَتَمَطَّى. وَأَنْشَأَ جَحْدرٌ يَقُولُ: لَيْثٌ وَلَيْثٌ فِي مَجَالِ ضَنْكِ ... كِلاهُمَا ذُو أَنَفٍ وَفَتْكِ وَسُورَةٍ فِي صَوْلَةٍ وَمَحْكِ ... إِنْ يَكْشِفِ اللَّهُ قِنَاعَ الشَّكِ مِنْ ظَفَرِي بِحَاجَتِي وَدَرْكِ ... فَذَاكَ أَحْرَى مَنْزلٍ بِتَرْكِ فَوَثَبَ إِلَيْهِ الأَسَدُ وَثْبَةً شَدِيدَةً، وَتَلَقَّهَا جَحْدَرٌ بِالسَّيْفِ، فَضَرَبَ هَامَتَهِ، فَفَلَقَهَا، حَتَّى خَالَطَ ذُبَابُ السَّيْفِ لَهَوَاتِهِ. وَسَقَطَ جَحْدَرٌ مِنْ شِدَّةِ وَثْبَةِ الأَسَدِ، وَتَخَضَّبَتْ ثِيَابُهُ مِنْ دَمِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:

1 / 60