Noticias Afortunadas

Al-Zubayr Ibn Bakkar d. 256 AH
154

Noticias Afortunadas

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Investigador

سامي مكي العاني

Editorial

عالم الكتب

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Ubicación del editor

بيروت

إِنْ قُلْتَ: أَجْمَعُهُ لَوَلَدِي، فَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ عِبَرًا فِي الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَسْقُطُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَا لَهُ مَالٌ، وَمَا مِنْ مَالٍ إِلا عَلَيْهِ يَدٌ حَاوِيَةٌ، وَدُونَهُ يَدٌ شَحِيحَهٌ عَلَيْهِ، فَلا يَزَالُ اللَّهُ يَلَطُفُ بِذَلِكَ الطِّفْلِ حَتَّى تَعْظُمَ رَغْبَةُ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَلَسْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِي تُعْطِي، بَلِ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِي مَنْ يَشَاءُ مَا يَشَاءُ، وَإِنْ قُلْتَ: إِنَّمَا أَجْمَعُ الأَمْوَالَ لِتَشْيِيدَ مُلْكِي، فَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ عِبَرًا فِي بَنِي أُمَيَّةَ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا جَمَعُوا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَا اسْتَعَدُّوا مِنَ الْخَيْلِ وَالرِّجَالِ وَالْكُرَاعِ، حِينَ أَرَادَ اللَّهُ بِهمْ مَا أَرَادَ، وَمَا ضَرَّكَ وَوَلَدُ أَبِيكَ مِنَ الضَّعْفِ وَقِلَّةِ الْجِدِّ، وْالْخُمُولِ حِينَ أَرَادَ اللَّهُ بِكُمْ مَا أَرَادَ؟ وَإِنْ قُلْتَ: إِنَّمَا أَجْمَعُ الأَمْوَالَ لِطَلِبِ غَايَةٍ هِيَ أَجْسَمُ مِنَ الْغَايَةِ الَّتِي أَنَا فِيهَا، فَوَاللَّهِ مَا مِنْ غَايَاتِ الدُّنْيَا غَايَةٌ هِيَ أَجْسَمُ مِنَ الْغَايَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا، وَلا بَعْدَهَا غَايَةٌ هِيَ أَجْسَمُ مِنْهَا، لا تَنْجُو إِلا بِمَا تَعْمَلُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ. ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ تُعَاقِبُ مَنْ عَصَاكَ مِنْ رَعِيَّتِكَ بِأَشَدَّ مِنَ الْقَتْلِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِالْمَلِكِ الْجَبَّارِ الَّذِي خَوَّلَكَ مُلْكَ الدُّنْيَا، وَهُوَ لا يُعَاقِبُ مَنْ عَصَاهُ بِالْقَتْلَ، وَلَكِنْ يُعَاقِبُهُمْ بِالْخُلُودِ فِي الْعَذَابِ الأَلِيمِ؟ ! وَقَدْ رَأَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا قَدْ عَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُكَ، وَأَضْمَرَتْهُ جُوَارِحُكَ، وَنَظَرَ إِلَيْهِ بَصَرُكَ، وَاجْتَرَحَتْهُ يَدَاكَ، وَمَشَتْ إِلَيْهِ رِجْلاكَ، وَمَا حَمَلْتَ عَلَى ظَهْرِكَ، فَمَاذَا تَقُولُ إِذَا انْتَزَعَ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ مُلْكَ الدُّنْيَا مِنْ يَدِكَ، وَدَعَاكَ إِلَى الْحِسَابِ فِيمَا خَوَّلَكَ؟ هَلْ يُغْنِي عَنْكَ مَا شَحَحْتَ عَلَيْهِ مِنْ مُلْكِ الدُّنْيَا؟ فَبَكَى الْمَنْصُورُ، وَقَالَ: لَيْتَنِي لَمْ أُخْلَقَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ أَحْتَالُ لِنَفْسِي؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ أَضْرَرْتَ بِآخِرَتِكَ، فَنِلْتَ مِنْ دُنْيَاكَ، فَاضْرُرْ بِدُنْيَاكَ تَنَلْ مِنْ آخِرَتِكَ. قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ فِيمَا خُوِّلْتُ وَلَمْ أرَ مِنَ النَّاسِ إِلا خَائِنًا؟ . فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِلنَّاسِ أَعْلامًا يَفْزَعُونَ إِلَيْهِمْ، فَاجْعَلْهُمْ بِطَانَتَكَ يُرْشِدُوكَ، وَشَاوِرْهُمْ فِي أُمُورِكِ يُسَدِّدُوكَ. قَالَ الْمَنْصُورُ: قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْهِمْ، فَهَرَبُوا مِنِّي. قَالَ: هَرَبُوا مَخَافَةَ أَنْ تَحْمِلَهُمْ عَلَى مِثْلِ مَا ظَهَرَ مِنْ فِعْلِ عُمَّالِكَ، وَلَكنِ افْتَحِ الأَبْوَابَ، وَسَهِّلِ الْحُجَّابَ، وَانْتَصِرْ لِلْمَظْلُومِ، وَاقْمَعِ الظَّالِمَ، وَخُذِ الْفَيْءَ وَالصَّدَقَاتَ، مِمَّا حَلَّ وَطَابَ، وَاقْسِمْهُ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ، وَأَنَا الضَّامِنُ عَلَى الَّذِينَ هَرَبُوا مِنْكَ أَنَ يَأْتُوكَ وَيُشَايِعُوكِ عَلَى صَلاحِ أَمُورِهِمْ وَأُمُورِكَ، وَصَلاحِ رَعِيَّتِكَ. فَقَالَ الْمَنْصُورُ: اللَّهُمَّ وَفِّقْنِي لأَنْ أَعْمَلَ بِمَا قَالَ هَذَا الرَّجُلُ.

1 / 154