وكفن بثلاثة أثواب جدد وحمل على سرير ثم أدخلوه المسجد ووضعوه في المسجد وخرج الناس عنه، فأول من صلى عليه الرب تعالى من فوق عرشه ثم جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم الملائكة زمرا زمرا. قال علي (رضي الله عنه):
لقد سمعنا في المسجد همهمة ولم نر لهم شخصا، فسمعنا هاتفا يهتف ويقول: ادخلوا رحمكم الله فصلوا على نبيكم (صلى الله عليه وسلم)! فدخلنا وقمنا صفوفا صفوفا كما أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكبرنا بتكبير جبريل (عليه السلام) وصلينا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بصلاة جبريل (عليه السلام) ما تقدم منا أحد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ودخل القبر أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وابن عباس (رضي الله عنهم)، ودفن رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فلما انصرف الناس قالت فاطمة لعلي (رضي الله عنه): يا أبا الحسن، دفنتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ قال:
نعم. قالت فاطمة (رضي الله عنهما): كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ أما كان في صدوركم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) الرحمة؟ أما كان معلم الخير؟ قال: بلى يا فاطمة، ولكن أمر الله الذي لا مرد له! فجعلت تبكي وتندب وهي تقول: يا أبتاه الآن
Página 104