قال العلامة الفاضل السيد أحمد بن زيني دجلان المكي رحمه الله تعالى في كتابه: " خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام " ما نصه: دكر الفتنة التي وقعت بالمدينة بين الأغوات وأهل المدينة سنة 1134ه وفي مدة ولاية الشريف مبارك بن أحمد بن زيد سنة أربعة وثلاثين ومائة وألف وقع بالمدينة فتنة عظيمة شهيرة بين الأغوات وأهل المدينة ونشأ عنها قتل السيد عبد الكريم البرزنجي المدفون بجة المشهور " بالمظلوم" وتلك الفتنة الكلام على تفصيلها طويل وملخصها: أن رجلا من توابع الأغوات يسمى علي قنا أراد أي يستفرغ وظيفة من وظائف العسكر ويدخل في العسكرية، فامتنع من إدخاله كبار العسكر حيث أنه كان في العسكرية وقعت منه خيانة وأخرج منمها فلا يعاد، وقال أغوات الحرم: لا بد من إدخاله، وطال النزاع بينهم ووافق أهل المدينة كبار العسكر في عدم إدخاله، ووقع بالمدينة ضجة واتسع الأمر حتى آل إلى القتال، وابتدأ ذلك علي قنا ومن كان معضدا له من الأغوات وكان معهم بعض قبائل حرب فصعدوا منائر الحرم الشريف وترسوها وأغلقوا أبواب المسجد، وترسوا بعض البيوت التي بجانب الحرم النبوي وعزموا على محاربة العسكر، ومن يعضدهم من أهل المدينة فرفع كبار العسكر وأهل المدينة أمرهم إلى قاضي الشرع خوفا من وقوع الفتنة عند القبر المعظم وذهاب ما في الحجرة من أموال، وما سيحدث من القتل، وغضب الدولة العلية عليهم، فأرسل قاضي الشرع للأغوات يمنعهم من الفتنة ويطلبهم للحضور إلى مجلس الشرع، فامتنعوا من الكف ومن الحضور عند القاضي فسجل عليهم القاضي أنهم قصاة بغاة يجب قتالهم، فشرعت العساكر وأهل المدينة في قتالهم وضيقوا عليهم من كل جانب، وقتل في تلك الفتنة أشخاص من الفريقين وعطلت صلاة الجماعة في المسجد النبوي فجنحوا 29...للسلم، فامتنع العسكر وأهل المدينة إلا بعد أحضار الأغوات القائمين مع علي قنا وحبسهم في قلعة السلطان بالوجه الشرعي، ثم يرفع أمرهم إلى نائب السلطان بالحرمين الشريفين وهو الشريف مبارك بن أحمد بن زيد شريف مكة إذ ذاك، فحضر خمسة أو ستة من كبار الأغوات كانوا رأس تلك الفتنة فحبسوا في القلعة، ورفع الأمر إلى شريف مكة المذكور فطلبهم إلى مكة لإقامة الدعوى فوصلوا إلى مكة، وحضر معهم مفتى المدينة السيد محمد أسعد وجماعة من أعيان أهل المدينة فعقد الشريف مبارك لهم مجلسا حضره من جاء من المدينة المنورة، وقاضي مكة، وإبراهيم باشا والي جدة، ومفاتي مكة وجماعة من علمائهم وأعيانهم، وأقيمت الدغوى وثبت الخطأ على الأغوات، فأمر الشريف مبارك بحبسهم في داره إلى أن يرفع الأمر إلى الدولة العلية ويأتي الجواب، فجاء الجواب من الدولة العلية بتنفيذا الحكم الذي حكم به قاضي المدينة على الأغوات، وأجروا عليهم العقوبات المحكوم بها: من العزل لبعضهم، والنفي لبعضهم، ثم ما زال الأغوات يسعون في الإنتقام من أهل المدينة بسبب هذه الحادثة ووسطوا لذلك وسائط، ورحل بعضهم إلى السلطنة بنفسه حتى انتقموا من كثير منهم، وكان من جملة من أتهم بدخوله مع أهل المدينة في هذه القضية: العالم الفاضل السيد عبد الكريم بن السيد محمد البرزنجي وابنه الفاضل: السيد حسن، وكان الأغوات عرضوا إلى الدولة جيمع أسماء أولئك الجماعة الذين أتهموهم في الدخول فيتلك الفتنة فجاء الأمر من الدولة بقتل بعض أشخاص ونفي آخرين فكان السيد عبد الكريم وابنة السيد حسن من جملة المأمور بقلتهم، ففر ولده قبل مجئ الأمر إلى مصر وقى والده السيد عبد الكريم بالمدينة، فصعب عليهم قبض بالمدينة فحسن له بعض أعدائه الخروج من المدينة إلى مكة المشرفة والإقامة بها فلما وصل إلى مكة قبض عليه وزير جدة أبو بكر باشا وأنفذه إلى جدة، وحبس بالقلعة ثم أمر بقتله، فقتل خنقا ورمى في سوق جدة يوما كاملا، ثم رفعه بعض أهل الخير بشفاعة والتماس، وغسل وكفن ودفن بجدة، وهرعت الناس إلى جنازته للتبرك به رحمه الله رحمه واسعه، وقبره مشهور يزار ويعرف عند أهل جدة بالمظلوم وكان قتله في ثامن ربيع سنة ست وثلاثين ومائة وألف....
Página 29