فهو أن القرآن اسم للنظم والمعنى جميعا، لا أنه مشترك بينهما، ولا أنه موضوع لأحدهما، فلا يجوز القراءة بغير العربية إلا للعاجز عن العربية، وإنما جوزت له؛ لأنها قراءة القرآن من وجه من حيث اشتمالها على المعنى، دون وجه من حيث فوات المعنى، فالإتيان بالقرآن من وجه أولى من تركه من كل وجه، فهو بمنزلة الإيماء بدل الركوع والسجود، ولا أن المعنى قرآن حقيقة، أو أنه المقصود حتى يجوز المصير إليه بغير العذر أيضا.
وبعد اللتيا والتي(1) نقول: أشد المذاهب الثلاثة تحقيقا، وأحسنها استدلالا هو المذهب الأول؛ لكونه مسند إلى نص الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبه يستدل في أمثال هذه المباحث، وعليه يعول، وبعده المذهب الثالث، ولولا أنه يرد عليه ما يرد عليه لكان أحسن وأقوى، وهو أن الأبدال لا تنصب بالرأي الذي هو في نفسه أضعف وأوهى، كما قال الشمس محمد بن محمد الشهير بابن أمير حاج الحلبي في ((حلبة المجلي(2) شرح منية المصلي)) في بحث نية الصلاة: بقي هاهنا شيء، وهو أن في ((شرح الزاهدي)) عن ((شرح الصباغي(3) )): من عجز عن إحضار القلب في النية يكفيه التلفظ باللسان؛ لأن التكليف بالوسع. انتهى.
Página 88