إنه لا يخلو: إما أن يكون المراد من قوله تعالى: { فاقرءوا ما تيسر من القرءان } (1) مجرد المعنى، أو مع المبنى، لا سبيل إلى الأول؛ لعدم كونه قرآنا؛ لعدم كونه منقولا بين دفتي المصاحف تواترا، وإقامته النظم الفارسي مقام العربي، وجعله منقولا تقديرا أمر تقديري لا تحقيقي، فلا يعتمد عليه أصلا، وإذا لم يصح الأول تعين الثاني؛ وحينئذ فإثبات الحكم في المعنى بالدلالة غير واضح؛ لعدم كونه مستندا إلى دليل خال عن قادح، فلا يستند به قطعا.
والتاسع:
إن حمل: من؛ الدالة على التبعيض على مجرد المعاني القرآنية ليس بصحيح، فإن التبعيض إنما يعتبر من القرآن، وأخذ مجرد المعنى ليس أخذا لبعض القرآن، بل إخراج عن الحقيقة القرآنية، على أن القرآن اسم للنظم الدال على المعنى، لا لمجموع النظم والمعنى، فمجرد المعنى ليس بعضا له، بل هو مدلول له.
والعاشر:
إن التسمية مع كونها قرآنا في الصحيح لما لم تكن آية تامة عند الشافعي وغيره لم يحكم بتأدية فرض القراءة المقطوع بها؛ لإيراث شبهة خلافه على ما هو محقق في رسالتي ((إحكام القنطرة في أحكام البسملة))(2)، فكيف يتأدى فرض القراءة بمجرد المعنى، مع عدم كونه قرآنا، ولا بعض قرآنا عندهما؛ لأن خلافهما ليس أدنى في إيراث الشبهة من خلافه، لا سيما وخلافهما فيما نحن فيه مؤيد بخلاف الشافعي وغيره.
Página 83