وما ذكره من الاستبعاد فغير بعيد؛ لأنه كما أن من العرب من هو في غاية الفصاحة والبلاغة، فمنهم من هو في نهاية البلادة، وقال التوربشتي: هذا الحديث لا يدل على أنه كان في الصلاة؛ إذ لو كان فيها لبينه الراوي، ولنقله غيره من الصحابة، ولو زعم أحد أنه في الصلاة، قلت: يحمل ذلك على غير الفريضة. انتهى(1).
قلت: استبعاد ورود هذا الحديث في الصلاة مستبعد؛ كيف وقد كان في الصحابة من هو أعرابي وعجمي، وفيهم من لا يحسن أن يتعلم شيئا من القرآن، أو يتلو آية أو آيتين من القرآن، ومن العجم من يتعسر عليه قراءة الفاتحة، ولا يتعسر عليه ألفاظ السبحلة(2) والحمدلة(3)، ومنهم من يتفلت عنه الآيات ولا يقدر على حفظها كما تعلمها، ويقدر على حفظ الأذكار والتسبيحات ويحفظها كما يتعلمها، وهذا أمر يتعرفه من يتعرف اختلاف مجاري العادات، وتخالف الطبائع وتقلدها للإرادات.
فالظاهر أن ذلك الرجل السائل كان لا يقدر على أن يتعلم شيئا من القرآن، ويبقى ذلك في حفظه إلى وقت أداء الأركان، فعلمه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما ينوب منابه، وأشار إلى أن الذكر يقوم مقامه.
Página 65