أجنحة المكر الثلاثة
أجنحة المكر الثلاثة
Editorial
دار القلم
Número de edición
الثامنة
Año de publicación
١٤٢٠ هـ - ٢٠٠٠ م
Ubicación del editor
دمشق
Géneros
بالإسلام من حقائق، ولكل ما يتصل بتاريخ المسلمين من عزٍّ وطيد، ومجدٍ تليد.
الصنف الثالث: المتهاونون، وهم الذين لا يبالون الأحداث ولا يكترثون بالأمور، ولا هم لهم في الحياة إلا أكل وشربٌ ومسكن ونكاح،وتكاثر وتفاخر بأعراض من الحياة الدنيا، ويبذلون في ميادين هذه الأمور كل ما وهبهم الله من قوى فكرية وجسدية ونفسية، فكل وقدة حرارية تتدفق بها حياتهم لا يرون لها سبيلًا إلا هذه الميادين، ولا ينظرون إلى أمور دينهم وأمتهم إلا بمقدار ما يكون لهذه الأمور من تأثير على الميادين التي فتنوا بها فتنة سلبتهم كل تفكير بغيرها.
وقد نجد فريقًا من هؤلاء سليم العقيدة الشخصية ظاهر التدين، وهو مع ذلك يروى مانعًا مثلًا من ترويج كتب الإلحاد والكفر بالله، وكتب إفساد الأخلاق ونشر الرذيلة، إذا كان له منها ربح كثير، ولا يرى مانعًا من ترويج سلع الفحش والرذيلة والتجارة بالمحرمات الشرعية حينما يكون الربح الكثير مرتبطًا بذلك، ولا يرى مانعًا من الرضى بحكم أعداء الإسلام حينما تكون مصالحه التجارية أو الوظيفية ميسرة عن طريقهم. ولا يرى مانعًا من تسليم أبنائه وبناته إلى أيدي المبشرين والمستعمرين، يربونهم تربيةً معادية للإسلام والمسلمين، رغبة بأن يتقنوا لغة أجنبية إتقانًا حسنًا، ليساعدوهم على تسهيل مصالح الاستيراد والتصدير. ولا يرون مانعًا أيضًا من استيراد الخمور ونحوها رغبة بزيادة موارد خزينة الدولة، عن طريق الضرائب على ما يستورد منها، إلى غير ذلك من أمثلة كثيرة.
وهؤلاء المتهاونون الذين لا يبالون الدين، ولا يكترثون بما يهدمه ولا بما يبنيه، هم السواد الأعظم داخل الشعوب الإسلامية، وهم في الحقيقة حقول العمل والاستغلال، التي تنتشر فيها قوى أعداء الإسلام.
ولئن لم يكن لهؤلاء أعمال إيجابية ظاهرة تساهم مع الأعداء في هدم الإسلام وتوهين المسلمين، فإن استكانتهم واستخذاءهم وتهاونهم مساهمة سلبية خطيرة تعطي كل الفرص الملائمة للأعمال الإيجابية المضادة، وخطر
1 / 57