فتذكرت رفيقتها علية، فأرادت أن تسأل عنها لعلها تستصحبها، وتكافئها على جميل أبيها فقالت: «أشكرك أيها الأمير، وسأنشر في الملأ ما لقيته من نجدتك وكرم أخلاقك، ولي رفيقة كانت معي منذ أخذنا من حلوان.»
فنظر أبو حرملة إلى سمعان كأنه يستفهمه فقال: «أظنك تعني علية، لقد تزوجت من ذاك الأمير وهي راضية، فقد تحققت موت أبيها وسائر أهلها، وهي من بنات البادية.»
قالت: «لعلها تحب أن ترافقني.»
قال: «سافرت هذا الصباح مع زوجها.»
فسكتت دميانة وخرجت مع سمعان، واتكلت عليه في إعداد معدات السفر، وحدثتها نفسها أن تطلب إليه أن يحملها إلى مصر بدل بلاد النوبة، فتصل إلى أهلها، فلما خرجت نظرت إليه وهي لا تصدق أنها نجت بعد أن كادت تقتل، وشعرت بفضله عليها، أما هو فلعله كان أكثر سرورا إذ أنقذها من الموت. فلما رآها تنظر إليه ضحك، وقال لها: «هل أنت مسرورة يا سيدتي؟»
قالت: «الفضل إليك يا سمعان في إنقاذ حياتي.»
قال: «لا فضل لي؛ فإني قمت بما يفرضه علي الواجب.»
فقالت: «إني حالما وقع نظري عليك شعرت بارتياح لرؤيتك، ثم تحقق ظني بما آنسته من طيب عنصرك، كأنك مسيحي مثلي.»
فضحك وقال: «نعم أنا كذلك، فقد ربيت تربية مسيحية.»
وكانا يمشيان وأهل المعسكر ينظرون إليهما، وقد بلغهم أن الأمير عفا عن الفتاة وأمر بتسريحها، فظل سمعان ماشيا حتى أتى خيمة وأمر الخادم أن يهيئ الأحمال، ودعا دميانة إلى الجلوس، وأمر لها بطعام يعرف أنها تأكله، فاستأنست به وسألته: «إلى أين نحن ذاهبون؟»
Página desconocida