Ahmad Curabi, el líder difamado
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
Géneros
وبعد اثني عشر يوما من هذا التاريخ كنت في الإسكندرية، فسمعت الناس جميعا يقولون إن المحافظ عمر لطفي سمح بانتشار الفتنة إلى هذا الحد لأنه كان مقيما في البلد ولم يصدر أمرا بتوقيفها، ولم يذهب إلى مكان الفتنة إلا بعد مضي وقت، ولم يطلب مساعدة العسكر النظامي مع أنهم كانوا على مقربة منه، وأجمع الناس على أن عمله هذا موعز به من الخديو. وعلمنا أيضا أنه لما كانت المذبحة على وشك النهاية وكان المحافظ يتجول من مكان إلى آخر، وإذا بأجنبي في شباك وفي يده مسدس فقال أحد البدو: أأرمي هذا الرجل يا باشا؟ فقال له: ارمه، فأطلق البدوي عليه الرصاص فقتله، وكثير من المنهوبات دخلت بيته وبيوت أقربائه في ذلك اليوم الأسود ... وقد سمعت أيضا أنه حرض بعض الناس أثناء المذبحة وشجعهم على ذلك، وأنه أشار إلى البوليس ألا يتدخل قائلا: دعوا أبناء الكلاب يموتون.
ولم تسأل اللجنة التي تألفت للنظر في أسباب هذه الفتنة عمر لطفي عن شيء مما حدث مطلقا، بل كان الخديو أوعز إليه بأن يستقيل بحجة المرض.
كان عمر لطفي محافظ الإسكندرية زمن الفتنة، وقد أهمل أمر القيام بحفظ الأمن العام على أنه هو الشخص الوحيد المسئول عنه. هذا إذا لم نقل إنه هو المحرض عليها، فإذا كان فعل ما فعل إطاعة لأمر عرابي كما ادعى، مع أن وظيفته تابعة رأسا إلى الخديو - لأن الخديو أصدر أمرا خاصا صرح فيه أنه بعد استقالة وزارة سامي أفضت أمور الداخلية وشئونها إلى السراي - فكيف نعلل تعيينه وزيرا للحربية جزاء لطاعة عرابي وعصيانه لسيده الخديو؟ وإذا كان الأمر إهمالا منه فكيف يصح مع إهماله وعدم كفاءته تعيينه وزيرا للحربية؟ ولماذا لم يسأل سؤالا واحدا عما جرى مع أنه كان يجب أن يكون أول من يسأل؟
لا ريب في أن استقراء سير الحوادث، يظهر أتم الظهور أن الخديو بالاشتراك مع عمر لطفي كانا سبب هذه الفتنة، أي مذبحة الإسكندرية.»
16
ويعتقد برودلي اعتقادا جازما بإدانة عمر لطفي، فقد كتب إليه اللورد تشرشل يسأله رأيه عقب عودته من مصر ليقدم هذا الرأي إلى جلادستون، فكتب برودلي إليه، بأنه سأل في السجن اثنين من كبار السياسيين النابهين لا ترقى إليهما شبهة ولا تخفى عنهما حادثة،
17
فتوافقت روايتاهما بما يدين عمر لطفي، وكانا كل في معزل عن صاحبه في السجن بحيث لا يمكن التقاؤهما ...
أما كوكسن فقد لعب في هذه الفتنة دور الشيطان، ويقيني أنه لو سار التحقيق كما أراد عرابي لأخذ بجريمته، ولكن توفيقا بادر بتعيين عمر لطفي رئيسا للجنة التحقيق، ولم يعارض عرابي في هذا رغبة منه في المحافظة على المودة بينه وبين الخديو، وقد أقسم كل منهما قبل ذلك بأيام على أن يحمي الآخر كما يحمي نفسه، ثم أحبط الإنجليز عمل اللجنة بانسحاب مندوبهم منها فنجا كوكسن من الاتهام ...
أما الغرض من تدبير هذه المأساة فيتبين لنا في تتبع سير الحوادث صوب الهدف المقصود، وحسبنا أن نذكر الآن أنها كانت من أقوى الضربات التي نزلت بالحركة الوطنية القومية، وكانت فاتحة المآسي التي سوف يأتي بعضها في إثر بعض حتى تقع المأساة الكبرى يوم التل الكبير.
Página desconocida