ليلة، فما زالت تغريه حتى تبعها، فلما أتى الباب دخلت، وذهب ليدخل فذكر وجلي عنه، ومثلت له هذه الآية على لسانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ ١ فخر الفتى مغشيا عليه، فدعت المرأة جارية لها فتعاونتا عليه، فحملتاه إلى بابه واحتبس على أبيه، فخرج أبوه يطلبه، فإذا هو على الباب مغشيا عليه، فدعا بعض أهله فحملوه فأدخلوه، فما أفاق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فقال له أبوه: مالك يا بني؟ قال: خير، قال: فإني أسألك، فأخبره بالأمر، قال: أي بني، وأي آية قرأت؟ فقرأ الآية التي كان قرأ، فخر مغشيا عليه، فحركوه فإذا هو ميت فغسلوه، وأخرجوه ودفنوه ليلا. فلما أصبحوا رفع ذلك إلى عمر، فجاء عمر إلى أبيه، فعزاه به، وقال: ألا آذنتني؟ قال: يا أمير المؤمنين كان ليلا، قال عمر: فاذهبوا بنا إلى قبره. فأتى عمر ومن معه القبر، فقال عمر: يا فلان: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ ٢ فأجابه الفتى من داخل القبر: يا عمر قد أعطانيهما ربي في الجنة. مرتين".
وأخرج البيهقي وغيره عن أبي عثمان النهدي عن ابن مينا قال: "دخلت الجبان، فصليت ركعتين خفيفتين، ثم اضطجعت إلى قبر، فوالله إني لنبهان إذ سمعت قائلا في القبر يقول: قم، فقد آذيتني، أنتم تعملون ولا تعلمون، ونحن نعلم ولا نعمل، فوالله لأن أكون صليت مثل ركعتيك أحب إلي من الدنيا وما فيها".
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن المسيب: "أن سعيد بن خارجة
_________
١ سورة الأعراف آية: ٢٠١.
٢ سورة الرحمن آية: ٤٦.
1 / 48