أحسن شيء وجوها، وأحسنه لبوسا، وأطيبه ريحا، كأن وجوههم القراطيس، قلت: ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء الصديقون والشهداء والصالحون. ثم انطلقنا، فإذا نحن بثلاثة يشربون خمرا لهم، ويتغنون، قلت: من هؤلاء؟ قال: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة".
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مرثد بن حوشب قال: "كنت جالسا عند يوسف بن عمر وإلى جنبه رجل - كأن شقة وجهه صفحة من حديد - فقال له يوسف: حدث مرثدا بما رأيت، قال: حفرت قبر إنسان ليلا، فلما دفن وسووا عليه، أقبل طائران أبيضان مثل البعيرين، حتى سقط أحدهما عند رأسه والآخر عنه رجليه، ثم أثاراه، ثم تدلى أحدهما في القبر والآخر على شفيره، فجئت فجلست على شفير القبر، فسمعته يقول: ألست الزائر أصهارك في ثوبين ممصرا نسجهما كبرا وتمشي الخيلاء؟ فقال: أنا أضعف من ذلك، فضربه ضربة امتلأ القبر حتى فاض ماء ودهنا، ثم أعاد وأعاد عليه القول، حتى ضربه ثلاث ضربات، ثم رفع رأسه، فنظر إلي فقال: انظروا ١ أين هو جالس، نكسه الله. ثم ضرب جانب وجهي فسقطت ليلتي، حتى أصبحت كما ترى".
وله عن أبي إسحاق الفزاري: "أنه أتاه رجل فقال: كنت أنبش القبور، وكنت أجد قوما وجوههم لغير القبلة. فكتب إلى الأوزاعي يسأله، فقال: أولئك قوم ماتوا على غير السنة".
_________
١ هكذا بالأصل، وفي كتاب الروح لابن القيم ص ٦٨: انظر أين هو جالس بلسه الله ... إلخ.
1 / 34