ولا يغفل النظر إن ظهر في سوقهم دراهم مبهرجة أو مخلوطة بالنحاس، وأن يشدد فيها ويبحث عمن أحدثها، فإذا ظفر به إن كان واحدا أو جماعة أن ينالهم بشدة النكال والعقوبة، ويأمر أن يطاف بهم في الأسواق، ويشرد بهم من خلفهم، لعلهم يتقون عظيم ما نزل بهم من العقوبة، ثم يحبسهم على قدر ما يراه، ويأمر من يثق به أن يتعاهد ذلك من السوق حتى تطيب دراهمهم ودنانيرهم وتحرز نقودهم، فإن هذا أفضل ما يحوط به رعيته، ويعمهم نفعه في دينهم ودنياهم، ويرجى له ذلك زلفى عند ربه وقربة إليه إن شاء الله .
المكيال والميزان والأمداد والأقفزة والأرطال والأواقي
قال [ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ]:
سمعت يحيى بن عمر يقول - إذ سئل عن القمح والشعير يباع بمكاييل أحدثها أهل الحوانيت، وليست مما أحدث السلطان، ولا يعرف لها أصل، فعند هذا صغيرة وعند هذا كبيرة، فهي مختلفة ويسلم الناس فيما بينهم بهذه المعايير، فانظر رضي الله عنك ما يجوز من ذلك، فأفتنا به وأوضح لنا تفسير ما فضلك الله به، وأوضح لنا أمر القيمة التي تقام على الجزارين ونحوهم من أهل الحوانيت الذين يبيعون السمن والعسل والزيت والشحم، فإن تركوا بغير قيمة أهلكوا العامة لخفة السلطان عندهم، وإن تركوا على أن يبيعوا بالقيمة فهل ترى ذلك جائزا لهم وللعامة ؟ فإذا كان جائزا فما يصنع بهم إن خالفوا ما يأمر به السلطان، فقد يأمر بصنجة واضحة وأمر بين، وقد بدا أمر ما كتبنا به إليك، فإنا ما كتبنا إلا بما عمنا وخفي عنا، فأوضحه لنا إيضاحا شافيا، نفعك الله بعلمك -:
قال يحيى بن عمر:
أما قولك: إن القمح والشعير يباع عندكم بمكاييل مختلفة أحدثها أهل الحوانيت وليست مما أحدث السلطان، فليس يعرف له أصل، فعند هذا كبيرة وعند هذا صغيرة، فهي مختلفة ويعمل الناس بهذه المعايير فيما بينهم في القمح والشعير، فلا ينبغي لحواضر المسلمين في أسواقهم أن تكون بهذه الحال التي وصفت .
Página 17