Las Ordenanzas Sultánicas
الأحكام السلطانية
Editorial
دار الحديث
Ubicación del editor
القاهرة
وَالثَّالِثُ: مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْأَمَانَةَ فِيمَا حَازَهُ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَلَا يَغُلَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا حَتَّى يُقَسَّمَ بَيْنَ جَمِيعِ الْغَانِمِينَ مِمَّنْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ وَكَانَ عَلَى الْعَدُوِّ يَدًا؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيهَا حَقًّا؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١] .
وَفِيهِ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ:
أَحَدُهَا: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ أَصْحَابَهُ وَيَخُونَهُمْ فِي غَنَائِمِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ١.
وَالثَّانِي: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّهُ أَصْحَابُهُ وَيَخُونُوهُ فِي غَنَائِمِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ٢.
وَالثَّالِثُ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكْتُمَ أَصْحَابَهُ مَا بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ إلَيْهِمْ؛ لِرَهْبَةٍ مِنْهُمْ وَلَا لِرَغْبَةٍ فِيهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ٣.
وَالرَّابِعُ: مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يُمَايِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ذَا قُرْبَى، وَلَا يُحَابِي فِي نُصْرَةِ دِينِ اللَّهِ ذَا مَوَدَّةٍ، فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ أَوْجَبُ وَنُصْرَةَ دِينِهِ أَلْزَمُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾ [الممتحنة: ١] .
نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَقَدْ كَتَبَ كِتَابًا إلَى أَهْلِ مَكَّةَ حِينَ هَمَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِغَزْوِهِمْ، يُعْلِمُهُمْ فِيهِ حَالَ مَسِيرِهِ إلَيْهِمْ، وَأَنْفَذَهُ مَعَ سَارَةَ مَوْلَاةٍ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهَا، فَأَنْفَذَ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ فِي أَثَرِهَا حَتَّى أَخْرَجَاهُ مِنْ قَرْنِ رَأْسِهَا، فَدَعَا حَاطِبًا وَقَالَ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ"؟ فَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَمُؤْمِنٌ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا كَفَرْتُ وَلَا بَدَّلْتُ، وَلَكِنِّي امْرُؤٌ لَيْسَ لِي فِي الْقَوْمِ أَصْلٌ وَلَا عَشِيرَةٌ، وَكَانَ لِي بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ أَهْلُ وَلَدٍ، فَطَالَعْتُهُمْ بِذَلِكَ، وَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
_________
١ رواه ابن جرير في تفسيره "٤/ ١٥٤".
٢ رواه ابن جرير في تفسيره "٤/ ١٥٧".
٣ رواه ابن جرير في تفسيره "٤/ ١٥٦".
1 / 84