Las ordenanzas sultánicas
الأحكام السلطانية
Editorial
دار الكتب العلمية - بيروت
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Ubicación del editor
لبنان
فَأَمَّا إنْ تَجَرَّدَتْ الدَّعْوَى عَنْ أَسْبَابِ الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يُقَوِّيهَا، وَلَا ما يضعفها، فنظر المظالم يقتضي اعتبار حَالِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعِي. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: أن يعتدلا فِيهِ. وَاَلَّذِي يُؤْثِرُهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي إحْدَى الجهتين: هو إرهابهما، وتغليب الكشف من وجهتها، وَلَيْسَ لِفَصْلِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا تَأْثِيرٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ الظنوم الْغَالِبَةُ. فَإِنْ كَانَتْ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي جَنْبَةِ الْمُدَّعِي، وَكَانَتْ الرِّيبَةُ مُتَوَجِّهَةً إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَدْ يَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يكون المدعي - مع خلوه من حجة يظهرها- ضعيف الْيَدِ، مُسْتَلَانَ الْجَنْبَةِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ذَا بَأْسٍ وقدرة، فإذا دعى عَلَيْهِ غَصْبَ دَارٍ أَوْ ضَيْعَةٍ، غَلَبَ فِي الظَّنِّ أَنَّ مِثْلَهُ مَعَ لِينِهِ وَاسْتِضْعَافِهِ لَا يَتَجَوَّزُ فِي دَعْوَاهُ عَلَى مَنْ كَانَ ذَا نجدة وبأس وسطوة. الثاني: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مَشْهُورًا بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَشْهُورًا بِالْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ، فَيَغْلِبُ فِي الظَّنِّ صدق المدعى في دعواه. الثالث: أَنْ تَتَسَاوَى أَحْوَالُهُمَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ عُرِفَ أن للمدعي يدًا مُتَقَدِّمَةٌ، وَلَيْسَ يُعْرَفُ لِدُخُولِ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَبَبٌ حَادِثٌ. فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الْمَظَالِمِ فِي هذه الأحوال الثلاث شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: إرْهَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِتَوَجُّهِ الرِّيبَةِ إليه.
وَالثَّانِي: سُؤَالُهُ عَنْ سَبَبِ دُخُولِ يَدِهِ، وَحُدُوثِ ملكه، فإن مالكا يَرَى ذَلِكَ مَذْهَبًا فِي الْقَضَاءِ مَعَ الِارْتِيَابِ، فكان نظر المظالم به أولى، وربما أنف المدعى عليه لنفسه مَعَ عُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ عَنْ مُسَاوَاةِ خَصْمِهِ فِي المحاكمة، فيترك ما في يده لخصمه عفوا وَرُبَّمَا تَلَطَّفَ وَالِي الْمَظَالِمِ فِي إيصَالِ الْمُتَظَلِّمِ إلى حقه بما يحفظ معه حشمه المتظلم منه، أَوْ مُوَاضَعَةَ الْمَطْلُوبِ عَلَى مَا يَحْفَظُ بِهِ حشمة نفسه، أن يكون منسوبًا إلى تحيف ومنع من حق.
1 / 85