Ahkam Quran Li Shafici
أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي
Investigador
أبو عاصم الشوامي
Editorial
دار الذخائر
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Géneros
Ciencias del Corán
الغَفْلَة، ويَعْمَلُوا قبل انقِطَاع المُدَّة، حين لا يُعْتِبُ (^١) مُذْنِبٌ، ولا تُؤخذُ فِدْيةٌ، و﴿تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾ [آل عمران: ٣٠]. فكان ما (^٢) أنزل في كتابه جَلَّ ثَنَاؤُهُ، رحمةٌ وحُجَّةٌ عَلِمَهُ مَن عَلِمَه، وجَهِلَهُ مَن جَهِلَه.
قال: والنَّاسُ في العِلم طَبَقاتٌ، مَوقِعُهُم مِن العلم بِقَدرِ دَرَجاتِهِم في العلم به، فَحُقَّ عَلى طَلَبَةِ العِلم بُلوغُ غَاية جُهدِهم في الاسْتكْثَار مِن علمه، والصَّبر عَلى كُلِّ عَارِضٍ دونَ طَلَبه، وإخلاصُ النِّية للهِ في اسْتدراك عِلْمِه، نَصًّا واسْتِنْبَاطًا، والرَّغبةُ إلى الله في العَوْنِ عَلَيه؛ فَإِنَّه لا يُدْرَكُ خَيْرٌ إلا بِعَوْنِهِ، فَإنَّ مَن أَدْرَك عِلْمَ أَحْكَامِ اللهِ في كِتَابِه نَصًّا واسْتِدْلالًا، وَوَفَّقَهُ اللهُ للقَولِ والعَمَل لِمَا عَلِمَ مِنهُ = فَازَ بالفَضِيلَة في دِينِه ودُنْيَاه، وانْتَفَت عنه الرِّيَبُ، ونَوَّرَت في قَلبه الحِكْمَة، واسْتَوْجَب في الدِّين مَوْضِعَ الإمامة.
فَنسألُ اللهَ -المُبْتَدِئَ لَنا بِنِعَمِهِ قَبلَ اسْتِحْقَاقِها، المُدِيمَهَا (^٣) علينا مع تقصيرنا في الإتيان على ما أَوْجَبَ مِن شُكره لها، الجَاعِلَنَا في خَيْر أُمَّة أُخْرِجَت للنَّاس- أن يَرْزُقَنا فَهمًا في كِتَابِه، ثم سُنَّةِ نَبيِّه ﷺ قَولًا وعَمَلًا يُؤَدِّي به عَنَّا حَقَّه، ويُوجِب لنا نَافِلَةَ مَزِيدِه.
فَلَيسَت تَنْزِلُ بأَحَدٍ من أهل دِين اللهِ نَازِلَةٌ، إلا وفي كِتاب اللهِ الدَّليلُ على سُبُلِ الهُدَى فيها.
_________
(^١) يعتب: يعتذر.
(^٢) في «م»، و«ط»: (مما) والمثبت من «د».
(^٣) قوله (المديمها) في «م» (الممن بها).
1 / 64