Ahkam del Corán
أحكام القرآن لابن العربي
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
فَإِنْ قِيلَ: إذَا قَتَلَ الرَّجُلُ زَوْجَهُ لِمَ لَمْ تَقُولُوا: يَنْتَصِبُ النِّكَاحُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ عَنْ الزَّوْجِ كَمَا انْتَصَبَ النَّسَبُ الَّذِي هُوَ فَرْعُهُ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ عَنْ النَّسَبِ؛ إذْ النِّكَاحُ ضَرْبٌ مِنْ الرِّقِّ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَنْتَصِبَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْقِصَاصِ.
قُلْنَا: النِّكَاحُ يَنْعَقِدُ لَهَا عَلَيْهِ كَمَا يَنْعَقِدُ لَهُ عَلَيْهَا، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَيَحِلُّ لَهَا مِنْهُ مَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا، وَتُطَالِبُهُ مِنْ الْوَطْءِ بِمَا يُطَالِبُهَا، وَلَكِنْ لَهُ عَلَيْهَا فَضْلُ الْقَوَامِيَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ، أَيْ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ، فَلَوْ أَوْرَثَ شُبْهَةً لَأَوْرَثَهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقُولُوا كَمَا قَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: إنَّ الرَّجُلَ إذَا قَتَلَ امْرَأَتَهُ فَقَتَلَهُ وَلِيُّهَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ شَيْءٌ زَائِدٌ. وَلَوْ قَتَلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا قُتِلَتْ، وَأُخِذَ مِنْ مَالِهَا نِصْفُ الْعَقْلِ. قُلْنَا: هُوَ مَسْبُوقٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مَحْجُوجٌ بِالْعُمُومِيَّاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْقِصَاصِ دُونَ اعْتِبَارِ شَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ فِيهِمَا. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ الْحُرَّةَ تُقْتَلُ بِالْحُرَّةِ، كَمَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ، وَالْأَمَةُ تُقْتَلُ بِالْأَمَةِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ، وَالْقِصَاصُ أَيْضًا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥] وَهَذَا بَيِّنٌ، وَسَنَزِيدُهُ بَيَانًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ.
[مَسْأَلَةٌ الْقِصَاص بَيْن الحر وَالْعَبْد]
وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لِأَنَّ الْآيَةَ بِعُمُومِهَا تَقْتَضِي الْجُمْلَةَ بِالْجُمْلَةِ وَالْبَعْضَ بِالْبَعْضِ وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُؤْخَذُ طَرْفُ الْحُرِّ بِطَرْفِ الْعَبْدِ، وَتُؤْخَذُ نَفْسُهُ بِنَفْسِهِ، فَيَقُولُ: شَخْصَانِ لَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي السَّلَامَةِ وَالْخِلْقَةِ فَلَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الْأَنْفُسِ.
1 / 93