60

Ahkam del Corán

أحكام القرآن لابن العربي

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الثالثة

Año de publicación

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُصَلِّي إلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَتَصْدِيقِكُمْ لِنَبِيِّكُمْ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ مُعْظَمُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَالْأُصُولِيُّونَ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ صَلَاتُكُمْ، زَادَ أَشْهَبُ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: قَالَ مَالِكٌ: " أَقَامَ النَّاسُ يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا؛ ثُمَّ أُمِرُوا بِالْبَيْتِ، فَقَالَ اللَّهُ ﷾: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ أَيْ: فِي صَلَاتِكُمْ إلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ ".
قَالَ: وَإِنِّي لَأَذْكُرُ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَوْلَ الْمُرْجِئَةِ: إنَّ الصَّلَاةَ لَيْسَتْ مِنْ الْإِيمَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ مِنْ الْإِيمَانِ فَلِمَ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ تَارِكَهَا غَيْرُ كَافِرٍ.
وَهَذَا تَنَاقُضٌ، فَحَقِّقُوا وَجْهَ التَّقَصِّي عَنْهُ.
فَالْجَوَابُ: إنَّا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الصَّلَاةَ مِنْ الْإِيمَانِ لَمْ يَبْعُدْ ذَلِكَ تَسْمِيَةً، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنفال: ٢] إلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [الأنفال: ٣] إلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [الأنفال: ٤] وَكَذَلِكَ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُسَمَّى تَارِكُهَا كَافِرًا.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ».
وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْأُصُولِيُّونَ: فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ:

1 / 62