Ahkam del Corán
أحكام القرآن لابن العربي
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
النِّسَاءِ؛ وَهَذَا وَهْمٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى النِّكَاحِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْمَهْرِ وَعَلَى الدَّمِ الْمُفْضِي إلَى الصُّلْحِ، وَالْمَهْرُ فِي النِّكَاحِ، وَالْمَالُ فِي الدَّمِ بَيْعٌ؛ وَإِنَّمَا جَاءَتْ الْآيَةُ لِبَيَانِ حُكْمِ حَالِ دَيْنٍ مُجَرَّدٍ وَمَالٍ مُفْرَدٍ؛ فَعَلَيْهِ يُحْمَلُ عُمُومُ الشَّهَادَةِ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ.
[مَسْأَلَةٌ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَاكْتُبُوهُ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
قَوْله تَعَالَى ﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] يُرِيدُ يَكُونُ صَكًّا لِيَسْتَذْكِرَ بِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ؛ لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْ الْغَفْلَةِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ الْمُعَامَلَةِ وَبَيْنَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَالنِّسْيَانُ مُوَكَّلٌ بِالْإِنْسَانِ، وَالشَّيْطَانُ رُبَّمَا حَمَلَ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَالْعَوَارِضُ مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ تَطْرَأُ؛ فَشُرِعَ الْكِتَابُ وَالْإِشْهَادُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ جَحَدَ آدَم قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَهُ مَسَحَ ظَهْرَهُ، فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ فَعَرَضَهُمْ عَلَيْهِ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يَزْهَرُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُك دَاوُد. قَالَ: كَمْ عُمُرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً. قَالَ: رَبِّ زِدْ فِي عُمُرِهِ. قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَزِيدَهُ أَنْتَ مِنْ عُمُرِك فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ مِنْ عُمُرِهِ، فَكَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ رُوحَهُ قَالَ: بَقِيَ مِنْ أَجَلِي أَرْبَعُونَ سَنَةً. فَقِيلَ لَهُ: إنَّك قَدْ جَعَلْتهَا لِابْنِك دَاوُد. قَالَ: فَجَحَدَ آدَم. قَالَ: فَأُخْرِجَ إلَيْهِ الْكِتَابُ، فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، وَأَتَمَّ لِدَاوُدَ مِائَةَ سَنَةٍ وَلِآدَمَ عُمُرَهُ أَلْفَ سَنَةٍ».
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] إشَارَةٌ ظَاهِرَةٌ إلَى أَنَّهُ يَكْتُبُهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ الْمُبَيَّنَةِ لَهُ الْمُعْرِبَةِ عَنْهُ الْمُعَرِّفَةِ لِلْحَاكِمِ بِمَا يَحْكُمُ عِنْدَ ارْتِفَاعِهِمَا إلَيْهِ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ [البقرة: ٢٨٢] فِيهِ وَجْهَانِ
1 / 328