Ahkam del Corán
أحكام القرآن لابن العربي
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ عُرِّفَ فِيهَا الطَّلَاقُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ؛ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ التَّعْرِيفِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: مَعْنَاهُ الطَّلَاقُ الْمَشْرُوعُ [مَرَّتَانِ]، فَمَا جَاءَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ؛ يُرْوَى عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَالرَّافِضَةِ قَالُوا: لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ إنَّمَا بُعِثَ لِبَيَانِ الشَّرْعِ، فَمَا جَاءَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَيْسَ بِمَشْرُوعٍ.
الثَّانِي: مَعْنَاهُ الطَّلَاقُ الَّذِي فِيهِ الرَّجْعَةُ مَرَّتَانِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ كَانَتْ تُطَلِّقُ وَتَرُدُّ أَبَدًا، فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ الرَّدَّ إنَّمَا يَكُونُ فِي طَلْقَتَيْنِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩].
الثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَاهُ الطَّلَاقُ الْمَسْنُونُ مَرَّتَانِ؛ قَالَهُ مَالِكٌ.
الرَّابِعُ: مَعْنَاهُ الطَّلَاقُ الْجَائِزُ مَرَّتَانِ؛ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.
فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّ مَعْنَاهُ الطَّلَاقُ الْمَشْرُوعُ فَصَحِيحٌ؛ لَكِنَّ الشَّرْعَ يَتَضَمَّنُ الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ وَالْجَائِزَ وَالْحَرَامَ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى بِكَوْنِهِ مَشْرُوعًا أَحَدُ أَقْسَامِ الْمَشْرُوعِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ الْمَسْنُونُ؛ وَقَدْ كُنَّا نَقُولُ بِأَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ، لَوْلَا تَظَاهُرُ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ وَانْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ مِنْ الْأُمَّةِ بِأَنَّ مَنْ طَلَّقَ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ، وَلَا احْتِفَالَ بِالْحَجَّاجِ وَإِخْوَانِهِ مِنْ الرَّافِضَةِ، فَالْحَقُّ كَائِنٌ قَبْلَهُمْ.
فَأَمَّا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّهُ حَرَامٌ فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِغَالِ بِهِ هَاهُنَا فَإِنَّهُ مُتَّفِقٌ مَعَنَا عَلَى لُزُومِهِ إذَا وَقَعَ. وَقَدْ حَقَقْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
[مَسْأَلَةٌ تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ مَرَّةٌ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: فِي تَحْقِيقِ الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ: (مَرَّةٌ): وَهِيَ عِبَارَةٌ فِي اللُّغَةِ عَنْ الْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الْأَصْلِ، لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهَا الِاسْتِعْمَالُ
1 / 259