Ahkam del Corán
أحكام القرآن لابن العربي
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثالثة
Año de publicación
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ رُجِيَ أَنْ يَمُوتَ بِالضَّرْبِ ضُرِبَ، وَإِلَّا أُقِيدَ مِنْهُ بِالسَّيْفِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا يُقْتَلُ بِالنَّبْلِ وَلَا بِالرَّمْيِ بِالْحِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْذِيبِ. وَاتَّفَقَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَطَعَ يَدَهُ وَرِجْلَهُ وَفَقَأَ عَيْنَهُ قَصْدَ التَّعْذِيبَ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَتْلِهِ الرِّعَاءَ حَسْبَمَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ فِي مُدَافَعَةٍ وَمُضَارَبَةٍ قُتِلَ بِالسَّيْفِ.
وَالصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ عُلَمَائِنَا أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ وَاجِبَةٌ، إلَّا أَنْ تَدْخُلَ فِي حَدِّ التَّعْذِيبِ فَلْتُتْرَكْ إلَى السَّيْفِ، وَإِلَى هَذَا يَرْجِعُ جَمِيعُ الْأَقْوَالِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَهُوَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ؛ وَلَا يَصِحُّ لِوَجْهَيْنِ بَيَّنَّاهُمَا فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵁ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا لَا يَصِحُّ أَيْضًا.
وَاَلَّذِي يَصِحُّ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ، «عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: إنِّي لَقَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إذَا رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ هَذَا قَتَلَ أَخِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَقَتَلْته؟ فَقَالَ: إنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ لَأَقَمْت عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ. قَالَ: نَعَمْ، قَتَلْته. قَالَ: كَيْفَ قَتَلْته؟ قَالَ: كُنْت أَنَا وَهُوَ نَحْتَطِبُ مِنْ شَجَرَةٍ فَسَبَّنِي فَأَغْضَبَنِي فَضَرَبْته بِالْفَأْسِ عَلَى قَرْنِهِ فَقَتَلْته.»
وَرَوَى أَبُو دَاوُد: «وَلَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: هَلْ لَك مِنْ شَيْءٍ تُؤَدِّي عَنْ نَفْسِك؟ فَقَالَ: مَا لِي مَالٌ إلَّا كِسَائِي وَفَأْسِي. قَالَ: فَتَرَى قَوْمَك يَشْتَرُونَك؟ قَالَ: أَنَا أَهْوَنُ عَلَى قَوْمِي مِنْ هَذَا. قَالَ: فَرَمَى إلَيْهِ بِنِسْعَتِهِ، وَقَالَ: دُونَكَ صَاحِبَكَ، فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ؛ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ فَرَجَعَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَنِي أَنَّك قُلْت كَذَا وَأَخَذْته بِأَمْرِك قَالَ: أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِك وَإِثْمِ صَاحِبِك؟ قَالَ: لَعَلَّهُ. قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّ ذَاكَ كَذَلِكَ. قَالَ: فَرَمَى بِنِسْعَتِهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ».
1 / 163