279

Ahkam Quran

أحكام القرآن

Investigador

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Editorial

دار إحياء التراث العربي

Ubicación del editor

بيروت

صلاتي العيد لَا تَخْتَلِفَانِ فِي حُكْمِ التَّكْبِيرِ فِيهِمَا وَالْخُطْبَةِ بَعْدَهُمَا وَسَائِرِ سُنَنِهِمَا فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ سُنَّةُ التَّكْبِيرِ فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِمَا وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ أَهْلِ الْجَبْرِ لِأَنَّ فِيهَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَرَادَ مِنْ المكلفين إكمال العدة واليسر وليكبروه ويحمده وَيَشْكُرُوهُ عَلَى نِعْمَتِهِ وَهِدَايَتِهِ لَهُمْ إلَى هَذِهِ الطَّاعَاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَ بِهَا الثَّوَابَ الْجَزِيلَ فَقَدْ أَرَادَ مِنْ الْجَمِيعِ هَذِهِ الطَّاعَاتِ وَفِعْلَ الشُّكْرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْصِيهِ وَلَا يَشْكُرُهُ فَثَبَتَ بِدَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَعْصِيَهُ وَلَا أَنْ يَتْرُكَ فُرُوضَهُ وَأَوَامِرَهُ بَلْ أَرَادَ مِنْ الْجَمِيعِ أن يطيعوه ويشكروه مع مَا دَلَّتْ الْعُقُولُ عَلَيْهِ بِأَنَّ فَاعِلَ مَا أُرِيدَ مِنْهُ مُطِيعٌ لِلْمُرِيدِ مُتَّبِعٌ لِأَمْرِهِ فَلَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مُرِيدًا لِلْمَعَاصِي لَكَانَ الْعُصَاةُ مُطِيعِينَ لَهُ فَدَلَالَةُ الْعُقُولِ مُوَافِقَةٌ لِدَلَالَةِ الْآيَةِ والله ﷾ الموافق لِلصَّوَابِ.
بَابُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ لَيْلَةَ الصِّيَامِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ- إلَى قَوْلِهِ- ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ] رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَرْضِ الْأَوَّلِ مِنْ الصِّيَامِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ] وأنه كان صومه ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ حِينِ يُصَلِّي الْعَتَمَةَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالْجِمَاعُ إلَى الْقَابِلَةِ رَوَاهُ عَطِيَّةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ كَانَ فِي الصَّوْمِ الْأَوَّلِ وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ وَرَقَدَ حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ وَالْجِمَاعُ وَرَوَى الضَّحَّاكُ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ حِينِ يُصَلُّونَ الْعَتَمَةَ وَعَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ النَّوْمِ وَكَذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ قَالُوا ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى نَامَ فَأَصْبَحَ صَائِمًا فَأَجْهَدَهُ الصَّوْمُ وَجَاءَ عُمَرُ وَقَدْ أَصَابَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَا نَامَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّه ﷺ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ] وَنَسَخَ بِهِ تَحْرِيمَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ بَعْدَ النوم
والرفث للذكور هُوَ الْجِمَاعُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعَلَمِ فِيهِ وَاسْمُ الرَّفَثِ يَقَعُ عَلَى الْجِمَاعِ وَعَلَى الْكَلَامِ الْفَاحِشِ وَيُكَنَّى بِهِ عَنْ الْجِمَاعِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ [فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ] إنَّهُ مُرَاجَعَةُ النِّسَاءِ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ. قَالَ الْعَجَّاجُ:
عَنْ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ

1 / 281