Ahkam Quran
أحكام القرآن
Investigador
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Ubicación del editor
بيروت
يَحْتَمِلُ مَا احْتَمَلَتْهُ قِصَةُ الْبَقَرَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] فَفِيهِ عِدَّةُ أَحْكَامٍ مِنْهَا إيجَابُ الصِّيَامِ عَلَى مَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ دُونَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ فلو كان اقتصر قوله [كُتِبَ عَلَيْكُمُ- إلَى قَوْلِهِ- شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ] لَاقْتَضَى ذَلِكَ لُزُومَ الصَّوْمِ سَائِرَ النَّاسِ الْمُكَلَّفِينَ فَلَمَّا عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] بَيَّنَ أَنَّ لُزُومَ صَوْمِ الشَّهْرِ مَقْصُورٌ عَلَى بَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ مَنْ شَهِدَ الشَّهْرَ دُونَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهُ وقَوْله تَعَالَى [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ] يَعْتَوِرُهُ مَعَانٍ مِنْهَا مَنْ كَانَ شَاهِدًا يَعْنِي مُقِيمًا غَيْرَ مُسَافِرٍ كَمَا يُقَالُ لِلشَّاهِدِ وَالْغَائِبِ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ فَكَانَ لُزُومُ الصَّوْمِ مَخْصُوصًا بِهِ الْمُقِيمُونَ دُونَ الْمُسَافِرِينَ ثُمَّ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَكَانَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ الِاقْتِصَارَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عليهم دُونَ الْمُسَافِرِينَ ثُمَّ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَكَانَ الْمَفْهُومُ مِنْهُ الِاقْتِصَارَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ دُونَ الْمُسَافِرِينَ إذْ لَمْ يُذْكَرُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ صَوْمٍ وَلَا قَضَاءٍ فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى [وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] بَيَّنَ حُكْمَ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ إذَا أَفْطَرُوا هَذَا إذَا كَانَ التَّأْوِيلُ في قوله [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ] الْإِقَامَةَ فِي الْحَضَرِ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى شَاهِدِ الشَّهْرِ أَيْ عَلِمَهُ ويحتمل قوله [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ] فَمَنْ شَهِدَهُ بِالتَّكْلِيفِ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ وَمَنْ لَيْسَ بأهل التَّكْلِيفِ فِي حُكْمِ مَنْ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي انْتِفَاءِ لُزُومِ الْفَرْضِ عَنْهُ فَأَطْلَقَ اسْمَ شُهُودِ الشَّهْرِ عَلَيْهِمْ وَأَرَادَ بِهِ التَّكْلِيفَ كَمَا قَالَ تعالى [صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ] لَمَّا كَانُوا فِي عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِمَا سَمِعُوا بِمَنْزِلَةِ الْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ سَمَّاهُمْ بُكْمًا عُمْيًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ [إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ] يَعْنِي عَقْلًا لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِعَقْلِهِ فَكَأَنَّهُ لَا قَلْبَ لَهُ إذْ كَانَ الْعَقْلُ بِالْقَلْبِ فَكَذَلِكَ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ شُهُودَ الشَّهْرِ عِبَارَةً عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ إذْ كَانَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ بمنزلة من ليس بموجود فِي بَابِ سُقُوطِ حُكْمِهِ عَنْهُ وَمِنْ الْأَحْكَامِ الْمُسْتَفَادَةِ بِقَوْلِهِ [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] غَيْرَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ تَعْيِينُ فَرْضِ رَمَضَانَ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِشُهُودِ الشَّهْرِ كَوْنِهِ فِيهِ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ وَأَنَّ الْمَجْنُونَ وَمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ صَوْمُ الشَّهْرِ والله أعلم بالصواب.
بَاب ذِكْرِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ جُنَّ رَمَضَانَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالثَّوْرِيُّ إذَا كَانَ مَجْنُونًا فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَفَاقَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ قَضَاهُ كُلَّهُ وَقَالَ مالك ابن أنس فيمن بلغ وهو مجنون مطيق
1 / 228