Ahkam Quran
أحكام القرآن
Editor
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Exégesis
الْمُسَاوَاة بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالسَّقِيمَةِ وَقَتْلِ الْعَاقِلِ بِالْمَجْنُونِ وَالرَّجُلِ بِالصَّبِيِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ اعْتِبَارِ المساواة في النفوس وأما ما دُونَ النَّفْسِ فَإِنَّ اعْتِبَارَ الْمُسَاوَاة وَاجِبٌ فِيهِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى امْتِنَاعِ أَخْذِ الْيَدِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ وَكَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ أَصْحَابُنَا الْقِصَاصَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَكَذَلِكَ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ أَعْضَائِهَا غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ هَلَّا قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ وَيَدُ الْمَرْأَةِ بِيَدِ الرَّجُلِ كَمَا قُطِعَتْ الْيَدُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ قِيلَ لَهُ إنَّمَا سَقَطَ الْقِصَاصُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا لَا مِنْ جِهَةِ النَّقْصِ فَصَارَ كَالْيُسْرَى لَا تُؤْخَذُ بِالْيُمْنَى وَأَوْجَبَ أَصْحَابُنَا الْقِصَاصَ بَيْنَ النِّسَاءِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِتَسَاوِي أَعْضَائِهِمَا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ فِي أَحْكَامِهِمَا وَلَمْ يُوجِبُوا الْقِصَاصَ فِيمَا بَيْنَ الْعَبِيدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِأَنَّ تَسَاوِيَهُمَا إنَّمَا يُعْلَمُ مِنْ طَرِيقِ التَّقْوِيمِ وَغَالِبِ الظَّنِّ كَمَا لَا تُقْطَعُ الْيَدُ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ لِأَنَّ الْوُصُولَ إلَى عِلْمِهِ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ وَعِنْدَهُمْ أَنَّ أَعْضَاءَ الْعَبْدِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمْوَالِ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ فَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مِنْهَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْجَانِي فِي مَالِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ النَّفْسُ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ فِي الْخَطَأ وَتَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ فَفَارَقَ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْأَمْوَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَاب قَتْلِ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُقْتَلُ وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ إنْ قَتَلَهُ غِيلَةً قُتِلَ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يُقْتَلْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ سَائِرُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ ظَوَاهِرِ الْآيِ يُوجِبُ قَتْلَ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ عَلَى مَا بَيَّنَّا إذْ لَمْ يُفَرِّقْ شَيْءٌ مِنْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وقَوْله تعالى [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى] عَامٌّ فِي الْكُلِّ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى [الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى] وَقَوْلُهُ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ [فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ] لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى خُصُوصِ أَوَّلِ الْآيَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْكُفَّارِ لِاحْتِمَالِ الْأُخُوَّةِ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ وَلِأَنَّ عَطْفَ بَعْضِ مَا انْتَظَمَهُ لَفْظُ الْعُمُومِ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ مَخْصُوصٍ لَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ حُكْمِ الْجُمْلَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَلَفَ عِنْدَ ذِكْرِنَا حُكْمَ الْآيَةِ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى [وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ] يَقْتَضِي عُمُومُهُ قَتْلَ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ لِأَنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّنَا مَا لَمْ يَنْسَخْهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رسوله ﷺ وتصير حينئذ شريعة النَّبِيِّ ﷺ
1 / 173