Ahkam Quran
أحكام القرآن
Investigador
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Editorial
دار إحياء التراث العربي
Ubicación del editor
بيروت
الْمَعْلُومِ مِنْ حَالِ شَارِبِهَا وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ نُحِيلَ مَسْأَلَةَ السَّائِلِ عَنْهَا وَنَقُولَ إنَّ الضَّرُورَهْ لَا تَقَعُ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيَّ فِي ذَهَابِ الْعَقْلِ فَلَيْسَ مِنْ مَسْأَلَتِنَا فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُذْهِبُ الْعَقْلَ إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إنَّ الضَّرُورَةَ إنَّمَا ذُكِرَتْ فِي الْمَيْتَةِ وَلَمْ تُذْكَرْ فِي الْخَمْرِ فَإِنَّهَا فِي بَعْضِهَا مَذْكُورَةً فِي الْمَيْتَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا وَفِي بَعْضِهَا مَذْكُورَةٌ فِي سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى [وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ] وَقَدْ فَصَّلَ لَنَا تَحْرِيمَ الْخَمْرِ فِي مَوَاضِعَ من كتاب الله في قوله تعالى [يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ] وقَوْله تَعَالَى [قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ] وَقَالَ [إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ] وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالضَّرُورَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ مُنْتَظِمَةٌ لِسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ وَذِكْرُهُ لَهَا فِي الْمَيْتَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ اعْتِبَارِ عُمُومِ الْآيَةِ الْأُخْرَى فِي سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَعْنَى فِي إبَاحَةِ الْمَيْتَةِ إحْيَاءَ نَفْسِهِ بِأَكْلِهَا وَخَوْفِ التَّلَفِ فِي تَرْكِهَا وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَهَا لِوُجُودِ الضَّرُورَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ فِي مِقْدَارِ مَا يَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْمُزَنِيّ لَا يَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ مِنْ الْمَيْتَةِ إلَّا مِقْدَارَ مَا يُمْسِكُ بِهِ رَمَقَهُ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدُ مِنْهَا فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا وقال عبد اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ يَأْكُلُ مِنْهَا مَا يَسُدُّ بِهِ جُوعَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الله تعالى [إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ] وَقَالَ [فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ] فَعَلَّقَ الْإِبَاحَةَ بِوُجُودِ الضَّرُورَةِ وَالضَّرُورَةُ هِيَ خَوْفُ الضَّرَرِ بِتَرْكِ الْأَكْلِ إمَّا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ فَمَتَى أَكَلَ بِمِقْدَارِ مَا يَزُولُ عَنْهُ الْخَوْفُ مِنْ الضَّرَرِ فِي الْحَالِ فَقَدْ زَالَتْ الضَّرُورَةُ وَلَا اعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِسَدِّ الْجَوْعَةِ لِأَنَّ الْجُوعَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يُبِيحُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ إذَا لَمْ يَخَفْ ضررا بتركه وأيضا في قَوْله تَعَالَى [فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ] فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ غَيْرُ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فِي الْأَكْلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْأَكْلَ مِنْهَا فَوْقَ الشِّبَعِ لِأَنَّ ذَلِكَ محظورا فِي الْمَيْتَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمُبَاحَاتِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ غَيْرَ بَاغٍ فِي الْأَكْلِ مِنْهَا مِقْدَارَ الشِّبَعِ فَيَكُونُ الْبَغْيُ وَالتَّعَدِّي وَاقِعَيْنِ فِي أَكْلِهِ مِنْهَا مِقْدَارَ
1 / 160