114

Ahkam Quran

أحكام القرآن

Editor

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Editorial

دار إحياء التراث العربي

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Exégesis
ابن إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الجرجاني قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ (نَسَمَةُ الْمُسْلِمِ طَيْرٌ تَعْلَقُ في شجر الجنة حتى يرجعها إلى جسده)
قَوْله تَعَالَى [وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ- إلى قوله تعالى- وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ] رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَالرَّبِيعِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْمُخَاطَبَةِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ بَعْدَ الْهِجْرَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ جَائِزٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ قَدَّمَ إلَيْهِمْ ذِكْرَ مَا عَلِمَ أَنَّهُ يُصِيبُهُمْ فِي الله من هذه البلايا والشدائد المعنيين أَحَدُهُمَا لِيُوَطِّنُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهَا إذَا وَرَدَتْ فَيَكُونَ ذَلِكَ أَبْعَدَ مِنْ الْجَزَعِ وَأَسْهَلَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْوُرُودِ وَالثَّانِي مَا يَتَعَجَّلُونَ بِهِ من ثواب توطن النفس قوله تعالى [وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ] يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى مَا قَدَّمَ ذِكْرَهُ مِنْ الشَّدَائِدِ وقَوْله تَعَالَى [الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ] يَعْنِي إقْرَارَهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالْمُلْكِ لَهُ وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ بِمَا يَشَاءُ تَعْرِيضًا مِنْهُ لِثَوَابِ الصَّبْرِ وَاسْتِصْلَاحًا لَهُمْ لِمَا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ إذْ هُوَ تَعَالَى غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي فِعْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ إذْ كَانَتْ أَفْعَالُهُ كُلُّهَا حِكْمَةً فَفِي إقْرَارِهِمْ بِالْعُبُودِيَّةِ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَيْهِ وَرِضًى بِقَضَائِهِ فِيمَا يَبْتَلِيهِمْ بِهِ إذْ لَا يَقْضِي إلَّا بِالْحَقِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى [وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ] وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ لِشَيْءٍ قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَيْتَهُ لَمْ يَكُنْ وقَوْله تَعَالَى [إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ] إقْرَارٌ بِالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَاعْتِرَافٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُجَازِي الصَّابِرِينَ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ فَلَا يَضِيعُ عِنْدَهُ أَجْرُ الْمُحْسِنِينَ
ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ الصَّبْرِ عَلَى هَذِهِ الشَّدَائِدِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ [أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ] يَعْنِي الثَّنَاءَ الْجَمِيلَ وَالْبَرَكَاتِ وَالرَّحْمَةَ وَهِيَ النِّعْمَةُ الَّتِي لَا يَعْلَمُ مَقَادِيرَهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى كَقَوْلِهِ فِي آيَةٍ أُخْرَى [إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ] وَمِنْ الْمَصَائِبِ وَالشَّدَائِدِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ مَا هُوَ مِنْ فِعْلِ الْمُشْرِكِينَ بِهِمْ وَمِنْهَا مَا هُوَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ فِعْلِ الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ أَنَّ الْعَرَبَ كُلَّهَا كَانَتْ قَدْ اجْتَمَعَتْ عَلَى عَدَاوَةِ النَّبِيِّ ﷺ غير ما كَانَ بِالْمَدِينَةِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَكَانَ خَوْفُهُمْ مِنْ قِبَلِ هَؤُلَاءِ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَكَثْرَتِهِمْ وَأَمَّا الْجُوعُ فَلِقِلَّةِ ذَاتِ الْيَدِ وَالْفَقْرِ الَّذِي نَالَهُمْ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْفَقْرُ تَارَةً مِنْ اللَّهِ تعالى

1 / 116