Ahkam al-Siyam
أحكام الصيام
Editor
محمد عبد القادر عطا
Editorial
دار الكتب العلمية
Año de publicación
1406 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
وقول النبي ﷺ:
((إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده. والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله)) (٣٨).
فكان عمر رضي الله عنه هو الذي أنفق كنوزهما. فعلم أنه أنفقها في سبيل الله، وأنه كان خليفة راشداً مهدياً، ثم جعل الأمر شورى في ستة، فاتفق المهاجرون والأنصار على تقديم عثمان بن عفان من غير رغبة بذلها لهم، ولا رهبة أخافهم بها وبايعوه بأجمعهم طائعين غير كارهين، وجرى في آخر أيامه أسباب ظهر بالشر فيها أهل العلم والجهل والعدوان، وما زالوا يسعون في الفتن حتى قتل الخليفة مظلوماً شهيداً بغير سبب يبيح قتله، وهو صابر محتسب، لم يقاتل مسلماً.
فلما قتل رضي الله عنه تفرقت القلوب، وعظمت الكروب، وظهرت الأشرار، وذل الأخيار، وسعى في الفتنة من كان عاجزاً عنها، وعجز عن الخير والصلاح من كان يجب إقامته، فبايعوا أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، وهو أحق الناس بالخلافة حينئذ، وأفضل من بقي، لكن كانت القلوب متفرقة، ونار الفتنة متوقدة، فلم تتفق الكلمة، ولم تنتظم الجماعة، ولم يتمكن الخليفة وخيار الأمة من كل ما يريدونه من الخير، ودخل في الفرقة والفتنة أقوام، وكان ما كان، إلى أن ظهرت الخوارج المارقة، مع كثرة صلاتهم وصيامهم وقراءتهم، فقاتلوا أمير المؤمنين علياً ومن معه، فقتلهم بأمر الله ورسوله، طاعة لقول النبي ﷺ لما وصفهم بقوله:
((يَحْقِرُ أحدُكم صلاتَه مع صلاتِهم، وصيامَه مع صيامِهم، وقراءتَه مع قراءتِهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرَهم، يَمرُقون من الإسلام كما يَمرُق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم
(٣٨) أخرجه البخاري في صحيحه، الباب ٣١ من كتاب الإيمان. ومسلم في صحيحه، حديث ٧٦ من كتاب الفتن. والترمذي في سننه، الباب ٤١ من كتاب الفتن. وأحمد بن حنبل في مسنده، ٢/٢٣٣/٢٤٠/٥٠٤/٩٤/٩٩.
165