(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ: ٢٦- ١٦٠- ١٦٣) . وَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ ﷺ: (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ٤- ١٦٣) . وَقَالَ تَعَالَى: (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ٣- ١٤٤) .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَأَقَامَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) حُجَّتَهُ عَلَى خَلْقِهِ فِي أَنْبِيَائِهِ بِالْأَعْلَامِ الَّتِي بَايَنُوا بِهَا خَلْقَهُ سِوَاهُمْ، وَكَانَتْ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ شَاهَدَ أُمُورَ الْأَنْبِيَاءِ دَلَائِلُهُمْ الَّتِي بَايَنُوا بِهَا غَيْرَهُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ- وَكَانَ الْوَاحِدُ فِي ذَلِكَ وَأَكْثَرُ مِنْهُ سَوَاءً- تَقُومُ الْحُجَّةُ بِالْوَاحِدِ مِنْهُمْ قِيَامَهَا بِالْأَكْثَرِ. قَالَ تَعَالَى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ. إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ، فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ: ٣٦- ١٣- ١٤) . قَالَ: فَظَاهِرُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِاثْنَيْنِ ثُمَّ ثَالِثٍ، وَكَذَا أَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى الْأُمَمِ بِوَاحِدٍ وَلَيْسَ الزِّيَادَةُ فِي التَّأْكِيدِ مَانِعَةً مِنْ أَنْ تَقُومَ الْحُجَّةُ بِالْوَاحِدِ إذَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يُبَايِنُ بِهِ الْخَلْقَ غَيْرَ النَّبِيِّينَ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِالْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْقُرْآنِ فِي فَرْضِ اللَّهِ طَاعَةَ رَسُولِهِ ﷺ وَمَنْ بَعْدِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاحِدًا وَاحِدًا، فِي أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ طَاعَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ غَابَ عَنْ رُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَعْلَمُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ) إلَّا بِالْخَبَرِ عَنْهُ» .
وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ.