اشتهر عبد الخالق الفلاح بين جيرانه وأهل ضيعته بالأمانة والاستقامة في سلوكه، والجد والاجتهاد في عمله.
وقام يوما كعادته عند طلوع الشمس يحرث حقله بنشاطه المعهود حتى تصبب العرق من جبينه.
وكان كلما مر به أحد معارفه، حياه أحسن تحية، وأغدق عليه أطيب ثناء، كأن يقول له: «أسعد الله كل أوقاتك، وبارك الله فيك وفي زرعك، أيها الرفيق العزيز!»
فسمع القرد تلك العبارات الحلوة، وود لو ناله شيء منها، وفكر في عمل يعمله؛ يثير به اهتمام الناس، وإعجابهم ويستدر مديحهم وثناءهم.
وإذ عثر على جذل
1
دفعه أمامه، وأخذ يدحرجه إقبالا وإدبارا، حتى سال العرق من جبينه وكل جسمه، ولكن عبثا كان ذلك؛ إذ لم يعره واحد من كل الذين مروا به أقل اهتمام، ولا وجه إليه كلمة مدح أو ثناء أو إعجاب.
ولما أعيته الحيل، سأل أحد المارة عن سبب عدم اهتمام الناس به، فأجابه قائلا: لا تعجب لذلك يا صاح؛ لأن كل عملك ليس إلا جعجعة بلا طحن،
2
فلست تقصد به سوى توجيه أنظار الناس إليك للإعجاب بك، فهلا سمعت: «إن ثمرة العجب المقت.»
Página desconocida