Conversaciones del pueblo: historias y recuerdos
أحاديث القرية: أقاصيص وذكريات
Géneros
فقال كبير المجلس: لا تخافوا يا ناس، الأرض تنهز ولا تقع، شدوا لحمكم، ثم التفت إلى الفتى وقال له: سماع يا ابني، كن مطمئن البال، ربنا قدير وهو يعرف كل شيء، ثم لا تنس أن الدول تروح والفلاح باقي، راحت تركيا ونحن بقينا، واليوم كلنا نترحم على المير يوسف؛ لأنه كان يحب الفلاحين.
وفتح الفتى فمه ليرد عليه، فسمعنا صراخا وعويلا غريبين، فركضنا حفاة ومنتعلين فإذا امرأة تصرخ فوق رأس ابنها الوحيد وهو مصروع أمامها يقاسي غمرات الموت. بلع عجوة مشمش فسدت زلعومة، فركض أبوه إلى شبطين، وعمه إلى جبيل وخاله لا أعلم إلى أين. وأخيرا تركته أمه بين أيدينا وأسرعت إلى مار روحانا لتضع على مذبحه فسطان العرس وسوارها الذهبي، وحملت عمته إبريق الزيت لتضيء السيدة، وهي كنيسة قديمة خربة لم يبق منها إلا آثار دارسة ليس لها امرؤ قيس يبكي عليها، أما نحن فالتففنا حول الصبي ننتظر الأطباء ولا ندري ماذا نصنع له.
الشقة بعيدة، والطريق عكشة، والقمر غاب، ومن يعلم إذا كان يأتي الترياق من العراق قبل أن يكون العليل فارق، ولكن الله ستر وعمل مار روحانا عجيبة - ومنهم من يقول السيدة عليها أشرف السلام - فبق الولد العجوة.
عن المونوبول والغلاء
بلغت بي السيارة كوع غلبون، فطرحت الصوت على الضيعة، والصوت تلفون القرى، فجاءني المكاري بدابة آية في الدواب، وما ركبتها حتى أخذت في التحويل الصاعد والنازل فخلت جزيرة تزحل. بانت أذناها على الضهر، وظل ذنبها في النهر. ولم أعد أدري إلى أي القطبين أنا أقرب.
اعلم علم اليقين أن من ذم زاملة المكاري، فكأنه قدح في عرضه، ومع ذلك لم أحتشم منه فقلت: يا سبحان الخالق، من أين لك هذه العروس، ومن هداك إليها!
فضحك وقال: الغلا جلاب. قلت: حقا إنها عجيبة. فامتعض وقال: البرهان أنها شغلتك عنا فما قلت كيف حالكم. قلت: خف ربك يا رجل، وهلتني دابتك، كيف حالكم جميعا، كيف الضيعة من كعبها إلى رأسها؟ فقال: بخير تسأل خاطرك. قلت: والأحوال؟ قال: لا تسأل، الأحوال أوحال. سنة ضيقة.
قلت: لا خوف عليكم، الزيت غال جدا، فقال: وأين الزيت! بعناه في المعصرة، بأربعين وخمسة وأربعين، ورأس السعر كان خمسين. قلت: الدخان يسد العوز، اضحكوا في عبكم.
فملأ الوادي دعاء للشركة، وإذ لم يجد من يستبد به ضرب الدابة بعصا لسعني رأسها فخلتها عصا موسى تستحيل ثعبانا عند ذكر فرعون، وأثنيت من أجلها على طول الأتان الذي استبشعته. واشتد إيماني بلا تكرهوا شيئا.
ودخلنا الضيعة مع الدغيشة، فجاءت الوفود للسلام، وطالت سهرتنا كليالي كانون. كنا فرحين (بالطريق) لو لم يأتنا من جبيل نبأ غلاء الطحين، فاسودت الوجوه وقال شيخ المتكئين: لولا غلاء الحبة كنا بألف خير، يظهر أن ربنا لا يكملها.
Página desconocida