إرين :
لم أعد أجسر على السؤال.
ميشال :
إذا كنت لا تجسرين فسأقدم أنا على القول من نفسي.
إن هذه الأسفار الطويلة التي ألفتها بين الأطلال وبقايا الأزمنة الغابرة جعلتني محبا لكل شيء حكم عليه بالزوال لتبقى على الأرض آثاره. لندع الحاضر، اتبعيني إذن إلى مجاهل التذكار، إذا شئت فلسوف أقودك إلى متنزه جميل تسوده الروعة كأنه أطلال هياكل مندثرة.
إرين :
أراك تعود إلى طريقتك القديمة يا ميشال، فها أنت ذا تريد تعذيبي كما كنت تفعل وأنت صبي.
ميشال :
عندما قضي عليك بالزواج، كنت أنت في الثامنة عشرة وأنا في العشرين، دخلت أنا الكلية، ودخلت أنت بيت فرجان، احتملت القضاء كأنه عدل مصدره مجهول، وما أدري ما تكون العواطف في قلب امرأة لم تتجاوز الثامنة عشرة، غير أنني أعرف ما يشعر به شاب لم يتجاوز العشرين، تعودت أن أراك بعد زواجك صامتا صاغرا إلى أن انجلت لي سرائري فعرفت أنني أحبك، عرفت أن السنين التي توالت علي وأنا بقربك قد حشدت من الوجد في قلبي ما يصدعه، من عرف ماضيه وما تراكم فيه من المهيئات، فهو على بينة من مستقبله، وما كنت لأجهل ما في نفسي، فأدركت أن القضاء جعل حبي وقفا عليك دون من في الأرض من بنات حواء، قضي لي أن أحبك وقضي علي أن أحرمك، اضطهدني الزمان، فهربت منه وفزعت إلى العمل من الغرام، وإذا ضاق مجال العمل عن سلواني هربت إلى الأسفار، إلى المنفى، سافرت منذ ثلاث سنوات إلى الشرق محاولا إغراق بلابلي في بحر أنواره، حملت عيني وقد انطبعت عليها صورتك لعل شعاع الآفاق في أجمل بلاد الله يمحو جمالك، ولكنني حاولت عبثا، وما أنا أعود إلى تلك مغترا بشفائي، ولكن المريض يتقلب على جنبيه وفي الجنبين مرض وآلام.
إرين :
Página desconocida