فقال الهلالي: ليس انتحارا، ولكنه مصير الجيل الجديد في نضال الإنقاذ! - سلم الأوغاد!
فقهقه الهلالي قائلا: ليحفظ الله الأوغاد!
والتفت المدير نحو طارق رمضان، ورفع رأسه قائلا: نخب اكتشاف ممثل عظيم في الخمسين من عمره!
فقال فؤاد شلبي بحماس: أهم من اكتشاف بئر بترول.
ونظر الهلالي نحونا، ولكني سبقته رافعا كأسي: نخب المؤلف الغائب!
سرعان ما ارتفعت موجة استحسان، فاضت النشوات على حساب المسرح، اختلط الجد بالهزل، تلذذت بتذكر فضائح كل رجل وكل امرأة؛ لماذا كان السجن من نصيبنا وحدنا؟ أيها الزملاء الأحرار، اشربوا نخبي أنا؛ فإني رمزكم الصادق.
وصلنا إلى بيتنا القديم عند الفجر، لم نجد أي رغبة في النوم، أشعلت فحم المدفأة، وجلسنا في الصالة؛ البلاط المعصراني مغطى بكليم أسيوطي قديم. رغم النفور المتبادل شعرنا بالرغبة في التواجد معا، ولو لحين قصير. من ذا يبدأ بفتح الحديث؟ ما أشد ما نتبادل من مشاعر الحذر والتوجس!
سألتها: أعجبتك المسرحية؟ - جدا ... جدا! - والموضوع؟ - يا له من سؤال سخيف لمن قضى عمرا في المسرح! - لم نتظاهر بغير ما في نفوسنا؟ ... لا مجال للشك. - أرفض هذا التفكير السخيف. - كل شيء حقيقي أكثر من الحقيقة. - كلام فارغ؛ لقد رأيت نفسي في صورة لا علاقة لها بالواقع.
فضحكت تاركا للضحكة وحدها الإفصاح عن رأيي، فقالت باستياء : إنه الوهم. - ألم نر الجميع على المسرح كما عرفناهم في الحياة؟ - المؤلف حر، يحافظ على من يشاء، ويغير من يشاء، وهناك أشياء جديدة تماما. - لم صورك في تلك الصورة؟ - ذاك شأنه. - اعتقدت طويلا أنه يحبك ويحترمك.
فقالت بحدة: ذاك ما لا شك فيه. - الحقيقة تتجلى في نظرتك الكلبية! - إني واثقة من نفسي.
Página desconocida