كان كذلك يعمل به عندهم فيما تعم به البلوى.
وقد استدل الحنفية لمذهبهم في عدم نقض الوضوء بمس الذكر بحديث قيس بن طلق بن علي الحنفي، عن أبيه، عن
النبي ﷺ قال: «وهل هو الا مضغة منه؟ أو بضعة منه؟» (١)
قال الترمذي: «هذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب» (٢) .
لكن اعترض ابن حزم على الاستدلال به، فقال: «هذا خبر صحيح الا أنهم لا حجة لهم فيه لوجوه: أحدها: أن هذا الخبر موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الأمر بالوضوء من مس الفرج هذا لا شك فيه، فاذا هو كذلك فحكمه منسوخ يقينا حين أمر رسول الله ﷺ بالوضوء من مس الفرج، ولا يحل ترك ما تيقن أنه ناسخ والأخذ بما تيقن أنه منسوخ، وثانيها: أن كلامه ﵇ «هل هو الا بضعة منك» دليل بين على أنه كان قبل الأمر بالوضوء منه، لأنه لو كان بعده لم يقل ﵇ هذا الكلام، بل بين أن الأمر بذلك قد نسخ، وقوله هذا يدل على أنه لم يكن سلف فيه حكم أصلا وأنه كسائر الأعضاء» (٣) .
(١) أخرجه الطيالسي (١٠٩٦)، وعبد الرزاق (٤٢٦)، وابن أبي شيبة ١/١٦٥، وأحمد ٤/٢٢، وأبو داود ١/٤٦ رقم (١٨٢)، وابن ماجه ١/١٦٢ رقم (٤٨٣)، والترمذي ١/١٣١ رقم (٨٥)، والنسائي ١/١٠١، وفي الكبرى (١٥٨)، والطحاوي في شرح المعاني ١/٧٥ و٧٦، والطبراني في الكبير (٨٢٣٣)، والدارقطني ١/١٤٨، والبيهقي ١/١٣٤.
(٢) جامع الترمذي ١/١٣١ عقيب (٨٥)، وقد ضعف أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان ويحيى بن معين حديث طلق، وأعلوه بقيس بن طلق. أنظر علل ابن أبي حاتم (١١١)، وسنن الدارقطني مع التعليق المغني ١/١٤٩-١٥٠.
(٣) المحلى ١/٢٣٩.