فليحدث به ومن افترى علي فليتبوأ مقعده في جهنم (1) . هذا ما رأينا إيراده من الادلة على أن حديث الرسول " من كذب على " لم يكن فيه كلمة " متعمدا " وإنك لتجد مما أوردناه أن روايات كبار الصحابة ومنهم ثلاثة من الخلفاء الراشدين والزبير بن العوام حوارى رسول الله قد اتفقت كلها على أن الرواية الصحيحة للحديث لم يكن فيها كلمة " متعمدا " (2) . وإن العقل السليم والخلق الكريم ، لينفران من قبول رواية " متعمدا " لان الكذب هو أبو الرذائل كلها سواء أكان عن عمد أم غير عمد . الكذب على النبي في حياته صلوات الله عليه لعل النبي صلوات الله عليه قد حذر من الكذب عليه بعد أن سمع أن بعضهم قد افترى عليه كذبا وهو حى ، فقد جاء في كتاب الاحكام في أصول الاحكام لابن حزم الظاهري (3) عن عبد الله بن بريدة عن ابن الخطيب الاسلمي قال : كان حى من بني ليث على ميلين من المدينة فجاءهم رجل وعليه حلة فقال : إن رسول الله كسانى هذه الحلة وأمرني أن أحكم في دمائكم وأموالكم بما أرى ! وكان قد خطب منهم امرأة في الجاهلية فلم يزوجوه ، فانطلق حتى نزل على تلك المرأة ، فأرسلوا إلى رسول الله فقال : كذب عدو الله ، ثم أرسل رجلا فقال : إن وجدته حيا - ولا أراك تجده - فاضرب عنقه وإن وجدته ميتا فحرقه بالنار . وأخرج ابن سعد في الطبقات والطبراني عن المقنع التميمي قال : أتيت النبي بصدقة إبلنا فأمر بها فقبضت - فقلت إن فيها ناقتين هدية لك : فأمر بعزل الهدية عن الصدقة ، فمكثت أياما وخاض الناس أن رسول الله باعث خالد بن الوليد إلى رقيق مضر فمصدقهم ، فقلت : والله ما عند أهلنا من مال ! فأتيت النبي صلى
---
(1) ص 171 ج 1 مشكل الآثار للطحاوي . (2) قال الحافظ ابن حجر : إن الصفات العلية من الرواة تقام مقام العدد أو تزيد عليه (ص 164 ج 1 فتح الباري) . (3) ص 582 ج 2 . أضواء على السنة المحمدية (*)
--- [ 66 ]
Página 65