خرجنا نريد العراق فمشى معنا عمر إلى صرار (1) ثم قال لنا : أتدرون لم مشيت معكم ؟ قلنا : أردت أن تشيعنا وتكرمنا ؟ قال : إن مع ذلك لحاجة خرجت لها . إنكم لتأتون بلدة لاهلها دوى كدوى النحل فلا تصدوهم بالاحاديث عن رسول الله وأنا شريككم ، قال قرظة : فما حدثت بعده حديثا عن رسول الله . وفي رواية أخرى : إنكم تأتون أهل قرية لها دوى بالقرآن كدوى النحل فلا تصدوهم بالاحاديث لتشغلوهم . جودوا القرآن ، وأقلوا الرواية عن رسول الله وأنا شريككم . فلما قدم قرظة قالوا : حدثنا ! فقال : نهانا عمر (2) . وفي الام للشافعي رواية الربيع بن سليمان : فلما قدم قرظة قالوا حدثنا ! قال : نهانا عمر ! وكان عمر يقول : أقلوا الرواية عن رسول الله إلا فيما يعمل به (3) . ولا غرابة في أن يفعل عمر ذلك ، لانه كان لا يعتمد إلا على القرآن والسنة العملية ، فقد روى البخاري عن ابن عباس أنه لما حضر رسول الله (أي حضرته الوفاة) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي : هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ، فقال عمر : " إن النبي غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله " : وفي رواية : أن النبي يهجر . وروى ابن سعد في الطبقات عن السائب بن يزيد أنه صحب سعد بن أبى وقاص من المدينة إلى مكة ، قال : فما سمعته يحدث عن النبي حديثا حتى رجع ، وسئل عن شئ فاستعجم وقال : إنى أخاف أن أحدثكم واحدا فتزيدوا عليه المائة ! وسعد هذا من كبار الصحابة ومن العشرة المبشرين بالجنة (4) كما يقولون . وعن عمرو بن ميمون قال : اختلفت إلى عبد الله بن مسعود سنة ، فما سمعته فيها يحدث عن رسول الله
---
(1) صرار : بالكسر موضع قرب المدينة ، وفي رواية : خرجنا فشيعنا . (2) هذه الزيادة من تذكرة الحفاظ للذهبي . وصححه الحاكم في المستدرك ص 102 ج 1 . (3) أي السنة العملية ص 107 ج 8 البداية والنهاية . (4) ص 102 / 2 / 2 . (*)
--- [ 56 ]
Página 55