اليوم ممقوتا لا بعمد إليه إلا كل جاهل لا يعرف من أصول النقد شيئا . ذلك أن النقد الصحيح في هذا العصر إنما يقوم على أصول ثابتة من العلم الكامل ، والعقل الراجح والمنطق السليم ، وأن يكون الناقد قبل ذلك عف اللسان مهذب الاسلوب - وبذلك كله يؤدى إلى النقد واجبه ، وإلى العلم حقه ، حتى يقع نقده موقع القبول ، ويؤثر في القلوب والعقول معا . هذا هو النقد الصحيح ، أما النقد المبنى على غير ذلك ولا يعمل له حساب فهذا لا يعد نقدا ! ومما لا يقضى الانسان منه عجبا ، أن كل الذين ثاروا على كتابنا لم ينفذوا إلى فهم الغاية منه ولم يدركوا أغراضه ، ولعل مرد ذلك إلى أنه من وراء علمهم ، وموضوعه غريب عليه ، وأن بحثه يقوم على المنهج العلمي الحديث وهم لا يحسنونه ، فما كاد يخرج عليهم حتى روعهم فنكروه ، وأوجسوا منه خفية فعارضوه . وليتهم لما لم يفهموا كلامنا قد أراحوا الناس بسكوتهم ، واستمعوا إلى نصيحة الشاعر الحكيم في قوله : ليت من لا يحسن العل * م كفانا شر علمه ! وإنى بعد ذلك لاستعلن وقلبي مطمئن أي اطمئنان أنه لا ضير على كتابي هذا من مثل هذا النقد الهزيل الذى زاد من قيمته ، وأعلى من شأنه .
--- [ 31 ]
Página 30