تأليف
ثروت أباظة
الفصل الأول
كان «حيدر أبو عبيد» تواقا أن يهب له الله غلاما من زوجته زنوبة الملواني التي تزوج بها منذ ثلاث سنوات.
وما كان زواجه عن حب وإنما بعد تفكير وتدبر وبإلحاح على أبيه؛ فقد كان يرجو أباه أن يخطب له، ولم يكن حيدر رهيف الفؤاد ولا كان تعلق بفتاة بعينها، ولا كان يعنيه أن تكون زوجه ذات جمال أو شيء من مال ولا أن تكون ذات رشاقة أو تكون هيفاء القوام.
كل ما كان يريده أن يتزوج. وحين فاتح أباه «عبيد الكيالي» في هذا الأمر فوجئ بأبيه يقول له بعد صمت قصير: انتظر حتى يختار ربنا إلى جواره أحد فتيان القرية.
وتولى الذهول حيدر: ما صلة زواجي يابا بموت واحد من فتيان القرية. - يكون مهرها نصف الفتاة البكر. - وإذا لم يمت أحد من فتيان القرية؟ - لا بد أن يموت. - متى؟ - حين يريد الرحمن الرحيم. - قد تمر سنوات. - ونحن ماذا وراءنا؟!
وأطرق حيدر لحظات ثم قال: وماذا نفعل إذا كانت زوجة الذي يموت عندها عيال وتضطر أو أضطر أنا أن أنفق عليهم من دم قلبي. - قد تكون بلا عيال. - إذن فقد تكون عقيما. - أو يكون الزوج هو العقيم. - إذن يابا أنت تريد أن تنتظر حتى يموت فتى من فتيان شقلبان، وأن يكون هذا الفتى عقيما. - لا يكثر على الله يا بني. - كثر خيرك يابا.
وانصرف حيدر عن أبيه، وراح يفكر وحده في هذا البخل الشديد الذي خلقه الله مع هذا الأب.
فهو شحيح بالسليقة حتى ليفكر إذا شرب كم يكلفه كوب الماء وهل يحتاج إليه كاملا أم يكتفي بنصفه.
Página desconocida