Libro sobre la conducta del médico

Isaac al-Ruhawi d. 300 AH
138

Libro sobre la conducta del médico

كتاب أدب الطبيب

Géneros

وكذلك القول فى الفصد. فإنه من أجزاء الطب جزء قد أكثر الناس استعماله، وتعاطاه كل أحد من أهل صناعة الطب، حتى أحداثهم، ومن ليس له خبرة بواجباته. قد أعدوا لهم مواضع، يقصدهم إليها كل أحد، من صلح له، ومن لا يصلح، فيفصد كل من أتاه، بغير توقف، ولا حذر، بسبب العوض الحقير. ولو كان الفاصد بغير علم، يعرف قدر ما يستخرجه من جسم الإنسان من الدم، وعظم نفعه، ويعلم أن قوام بدن الإنسان هو بالدم، أكثر من سائر أخلاطه، وأن الطبيعة لم تعمل ما عملته من الدم، الذى قد استخرجه هو فى ساعة واحدة، إلا فى زمان طويل، وبعمل طويل، لشفق من إخراجه، ولم يسارع إلى إخراج مثل هذا الجوهر النفيس، بذلك العوض الخسيس. ولأن النفع بالفصد، إذا وضع موضعه، عظيم جدا، حتى أنه قد يخلص من التلف، ومن الوقوع فى أمراض طويلة، فلذلك يجب أن يكون الفاصد عارفا بعدة أمور:

أولها: هل يفصد الفاصد أم لا؟ والثانى: ما المرض الذى يصلح فيه الفصد؟ والثالث: كيف ينبغى أن يكون؟ والرابع: لم يفصد الفاصد؟

وهذه الأصول الأربعة هى مسائل يتفرع عنها مسائل كثيرة. ويلزم الفاصد معرفتها جملتها. ومتى لم يكن عارفا بجملتها، فينبغى له أن لا يفصد أحدا، إلا برأى من هو خبر بها. من ذلك أن الفاصد، إذا علم هل يصلح الفصد لمرض، أم لا، لم يقنعه ذلك، دون أن يعلم من حال السن، والمزاج، والبلد، وحال الهواء فى الوقت الحاضر، وحال الفصل من السنة، وحال العمل، والعادة، والتدبير، والسحنة. هل يوجب كل واحد من هذه الأمور الفصد، كما أوجب ذلك المرض، أم يمنعه؟ ويعلم هذه الأمور بقدر أن يغلب بعضها، ويتبع الأغلب من هذه الفروع.

وأما ما يضطره الأمر إلى علمه من فروع الأصل الثانى، وهو العلم بما الحالة التى توجب الفصد، فإن من فروعها أن يعلم، ما الحال الطبيعية للبدن، وما حال حال من الحالات الغير طبيعية، وما الحالات منها التى توجب الفصد، وما المقدار الذى ينبغى أن يخرجه الفاصد من الدم، وما تبع ذلك من فروع هذا الأصل الثانى.

فأما فروع الأصل الثالث، فيلزمه أن يعلم منها، كيف ينبغى أن يكون الفصد عند شق العرق، طولا، أم عرضا، أم ورابا؟ وكيف ينبغى أن يخرج الدم، أدفعة، أم اثنتين، أم ثلاثة؟ وكيف ينبغى أن يدبر ويساس من فصد، بحسب مرض مرض؟ ويجب أن يعلم كيف الدم فى لونه، وكيف هو فى قوامه، وكيف هو فى رائحته، وكيف حركته فى خروجه. فإنه متى 〈لم〉 يتقن علم ما ذكرناه، لم يقدر أن يفرق بين ما يخرج من الدم من عرق، 〈و〉ما يخرج من شريان. إذ كان ما يخرج من الشريان أصفى، وأشرق، وأرق، وأحمى، من دم العروق.

Página 145